نشرت "أصوات نساء" على صفحتها بالفايسبوك أمس الأربعاء النص التالي حول فاجعة جرجيس:
وكأن بالموت قد أصبح خبرا عاديا في بلادنا التي أصبحت تختزل المهاجرين و المفقودين و الغارقين و القتلى في مجرد أرقام تضيفها الى سجلات إحصاء السكان, و لعل فاجعة جرجيس الأخيرة هي خير دليل على ذلك.
18 انسانا, انقسموا بين 15 قاصرا و امرأتين و رضيعة, تم تسجيل اختفائهم بعد ركوبهم في زورق الهجرة نحو مستقبل أفضل, و لفظ البحر جثث 8 منهم حتى الان, أياما قليلة بعد ذلك.
18 إنسانا, تركوا وراءهم عائلات ثكلى ملتاعة بعد فقدان أبنائهم و أحبتهم.
18 إنسانا, تم اختصارهم لدى مصالح الدولة الى 18 جثة دفن البعض منهم في جنح الظلام دون بذل أدنى العناية للتعرف عليهم و تسليمهم إلى عائلاتهم.
18 إنسانا لم تعرهم الدولة اهتماما, كما لم تعر اهتماما للآلاف قبلهم, و لن تعير اهتماما للآلاف بعدهم. دولة يقودها ساسة يتفننون في جعل الحياة مستحيلة و في أحسن الأحوال مريرة لجل المواطنين و المواطنات, دولة جعلت من حلم الهجرة, نظامية كانت أو غير نظامية, هاجس الطيف الواسع من الشباب و الشابات و حتى المراهقين و المسنين, دولة تواطأت بفسادها و فشلها و خرابها على تنظيم موت أبنائها وبناتها, و لم تجد حيال ذلك سوى الصمت المدقع المخزي كحل لتجاوز هذه الفاجعة, مكلولا بقمع احتجاجات التونسيين و التونسيات إزاء مصيبتهم وتعبيرا عن غضبهم.
كم من قارب موت آخر و كم من إنسان آخر يختصر إلى رقم، و كم من فاجعة أخرى تحتاج الدولة حتى تقلع عن صمتها و تتحمل مسؤولياتها إزاء مواطنيها و مواطناتها و تحترم نفسها و لو لمرة ؟
أفلا تستحون؟