بقلم هيبة حميدي
ارتفع عدد المصابين بالأمراض المنقولة جنسيا في تونس وسط غياب دور الدولة في التوعية وضمان الدواء في بعض الحالات.
“للأسف تكلفة علبة دواء صالحة لشهر تساوي قيمة أجرتي لمدة 3 أشهر، أخبرني الطبيب ان الدولة لا تتكلف بمصاريف العلاج وان علبة أقراص تتجاوز الألف دينار، اعتقدت أنني بإمكاني التشافي، او على الاقل ان ألازم دواء طوال حياتي أجابه هذا المرض الذي سيلازمني الى ان ينقطع نفسي، لكن هذه أقدار ماذا يسعني أن أفعل…”
بهذه الكلمات تحدثت أسماء (اسم مستعار) عن تجربتها الصعبة مع مرض التهاب الكبد الفيروسي الذي نقله لها زوجها.
وبسؤالنا عن كيفية اكتشافها بأنها حامل لمرض منقول جنسيا، قالت محدثتنا: “شعرت بآلام في معدتي، بادئ الامر حاولت التحمل وواصلت حياتي اليومية بشكل شبه طبيعي لكني مع مرور الايام اصبحت غير قادرة على التحمل فالآلام كانت فظيعة ولم اعد استطيع الاكل ولا حتى الجلوس..حينها قررت التوجه الى الطبيب وبإجراء الفحوصات اللازمة تبين أني أحمل مرض الالتهاب الكبدي الفيروسي المزمن”.
ارتفاع ملفت للأمراض المنقولة جنسيا وتوسع دائرة الضحايا
أطلقت سنية الطرخاني عضو في الجمعية التونسية لمكافحة الأمراض المنقولة جنسيا والسيدا بتونس، خلال حديثها معنا، صيحة فرع، بشأن ارتفاع عدد الاصابات المكتشفة بفيروس نقص المناعة المكتسَب (HIV) او الامراض الاخرى المنقولة جنسيا.
وقالت محدثتنا: الامراض المنقولة جنسيا اصبحت تتزايد بصفة ملفتة ، إذ يوجد امراض منقولة جنسيا مثل الزهري تم القضاء عليها نهائيا في بلادنا لكنها عادت وسجلت إصابات في السنوات الاخيرة لدى الشباب، والامر مقلق للغاية.
وتضيف: كذلك الاصابات بفيروس نقص المناعة “السيدا” ارتفعت كثيرا، وأصبحنا نكتشف الحالات الجديدة بشكل يومي، وخاصة بعد موجة وباء “الكوفيد”.
وتفسر بالقول: قبل فترة “الكوفيد” كانت الجهات المختصة تسجل ما بين 80 و85 حالة جديدة في كامل تراب الجمهورية وعلى مدى السنة، اليوم 80 حالة تسجلها جمعيتنا نحن فقط، والحالات في تطور لافت.
“كما نسجل ايضا ارتفاعا في عدد الاصابات بفيروس “HPV” او ما يعرف بالورم الحليمي البشري المنقول جنسيا والذي يؤدي الى سرطان عنق الرحم لدى المرأة وسرطان الجهاز التناسلي لدى الرجال وسرطان الحلق، ومن حسن الحظ ان تونس ستدرجه في اللقاحات بحلول سنة 2025 بداية من سن الـثانية عشرة ليشمل التطعيم الإناث والذكور”.
تنتشر الامراض بين الأشخاص الذين يصنّفهم المختصون بأنّهم “الفئات الهشة” وتشمل هذه الشريحة الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال والعاملين في مجال الجنس ومتعاطيي المخدرات بالحقن ومن يُطلق عليهم ”الفئات الهشّة“.
ووفق سنية الطرخاني، فإن الفئة العمرية بين 18 و 35 سنة هي الاكثر إصابة في سلم الحالات المسجلة، وقد اتسعت دائرة ضحايا هذه الأمراض، ولم تعد تقتصر على الطبقة الاجتماعية الهشة أو الفقيرة ، لتشمل الطالب والمهندس والطبيب.
فيروس السيدا غيّر من اهدافه فلم تعد فقط الفئة المهمشة غير الواعية بوسائل الحماية من بين الحالات الحاملة للفيروس وانما أيضا فئة متعلمة ومثقفة، وفق تعبيرها.
وبيّنت محدثتنا، أنه تم اكتشاف 419 حالة جديدة خلال سنة 2022 ، لكن العدد الجملي للحالات المكتشفة بين 4500 و4700، وذلك منذ سنة 1985.
كما أنه من المتوقع ان توجد 7 ألاف حالة حاملة للفيروس بما فيها الحالات المكتشفة والأخرى غير المكتشفة، وفق تقديراتها.
وبالسؤال عن موطن الخلل الذي أدى إلى ارتفاع الاصابات في السنوات الأخيرة، أرجعته محدثنا الى نقص التوعية بالأساس، مشيرة الى أن الجميع يتحملون المسؤولية من مسولين في الدولة ومن إعلام.
وتابعت: “اصبحنا نجد صعوبة في الولوج الى المبيتات الجامعية والمعاهد وذلك بسبب غياب الوعي اللازم في هذه المواضيع وخشية من نظرة المجتمع والوصم.
أرقام رسمية حول “الايدز” في تونس
وفق الاحصائيات الرسمية الاخيرة (عائدة لسنة 2022) التي تحصلنا عليها من الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، بلغ عــدد الحالات المسجّلة الجديدة المصابة بمرض فقدان المناعة البشري “السيدا” 412 حالة منها 5 حالات للأطفال من 0 إلى 4 سنوات.
وبالنسبة لعدد المتعايشين مع هذا الفيروس تم تسجيل 1847 حالة وينتفع جميعهم بالعلاج الثلاثي المجاني منها 36 حالة للأطفال و1114 للذكور و697 للإناث، فيما بلغ عدد الأجانب 306 حالة وينتفع جميعهم بالعلاج الثلاثي المجاني منها 116 ذكورا و190 إناثا، وفق المكلف بالإعلام بالديوان الوطني للأسرة والعمران البشري رحيم الزرقي.
تفيد آخر التقارير العالمية أنّه إلى حدود نهاية سنة 2022 تمّ تسجيل39 مليون شخص متعايش مع الفيروس، 29،8 مليون يمنهم تلقون العلاج.
وعلى غرار سائر الدول تسعى بلادنا الى الحد من عدوى الامراض المنقولة جنسيا، و تعمل تونس على مخطط وطني للصحة الجنسية والإنجابية 2021- 2030، لصياغة خطط في مجال النهوض بالصحة الجنسية والإنجابية، و تمكين المستفيدين من الاختيارات والقرارات المتعلقة بصحتهم الجنسية والإنجابية، الى جانب ضمان إطار قانوني وسياسي واجتماعي ثقافي ملائم، اعتبارا الى وجود عديد الهنات وغياب التوعية اللازمة.