نشرت الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ، بتاريخ 8 أوت الماضي، نصا جديرا بالقراءة يتناول كيفية جعل "فنلندا من منظومتها التربوية مثالا تتطلع جميع الانظمة في العالم الى الاقتداء به":
تستقبل المدارس في فنلندا عديد البعثات الأجنبية تأتي للاستفسار عن سر نجاح منظومتها التربوية والمتمثلة بالأساس في العناصر التّالية:
1- تكوين المدرّسين: استثمار غير مشروط
تكتسي مهنة المدرّس في فنلندا تقديرا كبيرا من المجتمع. فهو يتابع مسارا دراسيا يمتدُّ على خمس سنوات على الأقل يتلقّى خلاله تكوينا على القيم الأساسيّة للمهنة والمتمثلة في أن التّلميذ هو محور العمليّة التّربوية وفي ضرورة الحرص على أن تُنصف المنظومة كلّ التلاميذ وفي إرساء علاقة قوامها التعاون بين المُدرّسين.
2- المدرسة في فنلندا: الإنصاف قبل العدالة والمساواة
المدرسة الفنلندية هي من ضمن المدارس الأقل تفرقة في العالم بين التّلاميذ وذلك منذ 1970. فهي تؤمن بأن ظروف التّعليم والمحيط الاجتماعي والاقتصادي يفترض التّعامل مع كلّ تلميذ بصفة "مشخصنة"، وهو ما يعبرُّ عنه بالتمييز الايجابي.
3- المنهجية: بيداغوجية نقاط القوة
يتمثل المبدأ الأساسي لهذه المنهجية في تثمين نقاط قوة التّلميذ كالمثابرة والشّجاعة ورفع التحديّات وحب الإطلاع والارتكاز عليها لتوجيه مساره الدراسي وتدعيم مكتسباته.
ويتمّ في الإطار التأكيد على القيم الإنسانية التي يجب أن يتحلّى بها التّلميذ كالتّلاطف واحترام الآخر وخاصة التّعاطف أي القدرة على فهم ما يشعر به الآخر.
ويعرف دانيال سيقل (وهو) مختصّ في علم النّفس التّعاطف بقدرة الفرد على الشّعور بما يشعر به الآخر وقدرته على فهم إحساسه بالأشياء وعلى انشغاله عاطفيا بالغير.
4- الروزنامة: أيام دراسية قصيرة، من دون ضغط ومن دون فروض منزلية
تتميز أيام الدراسة بفنلندا بكونها من ضمن الأقصر في العالم، أربع أو خمس ساعات دراسة في اليوم على امتداد خمسة أيام دراسة في الأسبوع. كما تمّ الاستغناء عن أنظمة التّقييم بالنّقاط في المرحلة الابتدائية حيث يكتفي المدرّسون بتقييم كيفي دون مقارنة التّلميذ مع بقيّة رفاقه.
5: الخلاصة
من المؤكد أنه لا يمكن استنساخ النّظام الترّبوي الفنلندي خارج حدود فنلندا بنفس درجة النّجاح والتّميز. ففنلندا تنفرد بخاصيتها الاجتماعية والاقتصادية والثّقافية وبمحدودية عدد سكانها وتناغمهم وانسجامهم.
غير أن ذلك لا يمنع الأنظمة التّربوية التّقليدية من الاستئناس بمميّزات المدرسة الفنلندية. فجلّ الأنظمة هي اليوم بالية تتميز بالنّخبويّة ويتمثل محرّكها الأساسي في ترتيب التّلاميذ وتصنيفهم والضّغط عليهم وأصبحت بالتّالي غير مؤهلة لرفع تحديات المستقبل.