بعد تجربة كتابة "المياه المالحة " وهي سيرة ذاتية، خاضت الجامعية والناقدة والشاعرة والناشطة الحقوقية رفيقة البحوري غمار فنون عالم الرواية التي تعتبرها " في حد ذاتها هي وسيلة نضال لأنّها تكشف المسكوت عنه وكلّ ما يخفيه المجتمع وهي رواية تساعد النساء على فهم أنفسهن".
والتقت وكالة تونس أفريقيا للأنباء بهذه الروائية بمناسبة احتفاء المركب الثقافي بالمنستير مساء الاحد بمعلم الرباط الأثري بالمنستير، بتتويجها بجائزة الاكتشاف للكومار الذهبي في الرواية لعام 2023 عن روايتها "زمن الهذيان" الصادرة في 232 صفحة عن دار محمّد علي للنشر سنة 2023 لتؤكد لها بأنّها بعد كتابة مؤلف من نوع السيرة الذاتية دفعتها أبيات شعرية للشاعر نزار قباني التي يكشف فيها بأنّه لا يكتب حزن امرأة واحدة بل يكتب تاريخ النساء عامة ، بأن تكتب عملا يشمل كلّ النساء وفيه عصارة تجربتها.
وبدأت منذ سنة 2020 في البحث والتوثيق كثيرا للإعداد لنحت شخصيات روايتها التي ستكون الأولى بالنسبة إليها فبحثت في التاريخ عن الشخصية المظلومة فكانت بالنسبة إليها هاجر والدة النبي اسماعيل، وفي كتب علم النفس لفهم شخصية ضحية المنحرف النرجسي وشخصية المنحرف النرجسي حتى تكون عملية نحت الشخصيات فيها مصداقية.
واختارت رفيقة البحوري أن تطلق اسم "هاجر" على بطلة روايتها ووجدت أنّ أفضل طريقة لتجعلها تبحث عن ذاتها وتستعيد ذاتها الأنثوية هي أن تجعلها تخترق الصحراء متأثرة في ذلك بالمثل التونسي الشعبي القائل "الخلاء ولا البلاء".
وللتعبير عن عذابات المرأة الموروثة والحالية وإمكانية الخروج منها وضعت الراوية بطلها في مواقف ومحن من أقسى وأقصى ما أمكنها تصوره وهو ترك طفلها الوليد والرحيل إلى الصحراء أي أنّها تفقد أمومتها.
وحاولت الروائية إشباع تجربتها الذاتية بتجارب نسائية أخرى لتجعلها نموذجية في شخصية امرأة تختزل عذابات المرأة وصراعها وأرادتها أن ترمز إلى المرأة في كلّ أبعادها قائلة "أنا مغرمة بالقصص التي فيها الشخصية الروائية على غرار نجيب محفوظ الذي خلق شخصية السيد عبد الجواد . ولا أدري إن نجحت أم لا؟".
وتواصلت عملية نحت الشخصيات بالنسبة إلى رفيقة البحوري في رواية "زمن الهذيان" بين أسبوع واحد وسنة كاملة فهذه شخصية "ميدال" من التوارق بقيت تبحث في البداية عن الاسم وخصوصيات المنطقة التي يعيش فيها فاستقر قرارها على وادي خنتوش في الفزان بليبيا لما لها من قيمة تراثية.
وأمّا لغة الكتابة فتقول الروائية هي "مَصوغة منذ البداية فأنا أختار اللّغة العربية المفهومة والسليمة والسهلة والسلسة فأنا لا أحبذ اللّغة المقعرة إطلاقا التي فيها بحث عن الألفاظ الصعبة".
واقترح عليها البعض ومن بينهم الناشر كتابة الحوار باللّغة العامية غير أنّها رفضت لاعتبار أنّها لا تتقن لغة البدو ولكنها في المقابل استعملت الصورة الشعرية وأدمجت الشعر في نصها السردي واستعانت بالفنان التشكيلي رؤوف الكراي لتصميم غلاف الرواية الذي جاء متناغما مع المحتوى.
وتأثّرت رفيقة البحوري حدّ البكاء، معتبرة أن " الكتابة مسيرة عسيرة وعندما وجدت الناس الذين حولي فرحين أحسست أنّ هناك نوع من رد الإعتبار وهو ما أثر فيّ إذ أنني تعبت في هذه الرواية واشتغلت عليها كثيرا وجاء ردّ الاعتبار من أقرب الناس إلي" مؤكدة لوات أنّها في المقابل لم تبكي عند فوزها بالجائزة.
المصدر: وات
49