لها من الكاريزما والحضور ما يجعلها تلفت إليها الأنظار في ذروة صمتها، لها من النظرات العميقة ما يعجّز لغات العالم عن ترجمة كنهها، لها من الشموخ ما يكفي ليجعل النخل منتصبا أبدا، لها من الرقة والقوة ما يدفعك للتأمل في تركيبة شخصيتها المختلفة.
هي الفنانة السورية منى واصف التي تدخل القلوب دون إيذان ويتسلل صوتها إلى الآذان ويسكن الذاكرة ولها من فيض الحنان ما يجعلها أما لكل المحيطين بها وهي التي لعبت هذا الدور ولم تكرر نفسها فيه.
امرأة اجتمعت داخلها نساء كثيرات، مقاتلات ومناضلات، أمهات وبنات وزوجات، امرأة متمكنة من مفاصل التمثيل تستدر عباراتك وتستفز ابتساماتك وقادرة على ترجمة الحب بكل تمظهراته والوجع والأمل.
الفنانة منى واصف كانت ضيفة لأيام قرطاج السينمائية وزينت سجادها الأحمر بخطواتها وملأت الأثير حبا بقبلاتها التي نثرتها في كل الثنايا كأم تستقبل أبناءها، فهذا المهرجان بغني لها الكثير، وفق حديثها.
وعنه تقول " أول عرض لفيلم الرسالة ببلد عربي كان في تونس ومن بعده تتالت الدعوات"، مضيفة " تونس تعني لي الكثير خصوصا مع عروض المسرحيات التونسية بمهرجان دمشق المسرحي حينها تعرفت على الفن التونسي والممثلين والممثلات التونسيين، وتونس متقدمة فنيا وسينمائيا ومسرحيا وتلفزيونيا".
وفيما يخص حضورها ضيفة شرف بأيام قرطاج السينمائية في دورتها الثالثة والثلاثين، تقول " هذه المرة شعرت برهبة وأنا أصعد الدرج لوجود إعلاميين كثيرين والانضباط في أخذ الحوارات والتغطية الإعلامية الكبيرة".
في سياق متصل، تشير إلى الاهتمام بوجود النساء في لجان التحكيم إلى جانب وجود امرأة على رأسي وزارة الثقافة والمهرجان على اعتبار أن المرأة في مواقع القرار تقوم بعملها.
بأناقة الإحساس الأنثوي الراقي، لأجل هذا انا سعيدة بتكريمي في تونس".
وفي حديثها عن مسيرتها، تقول "عندما أتكلم عن مسيرتي دائما هناك نوع من الرعب وأتساءل إلى أين يمكنني أن أصل لأني لا أعتقد اني فعلت كل ما أريد.. في بداياتي كنت أقرأ عن فنانين يشبهون أعمالهم بأنفسهم لكن أنا أعمالي شراييني التي تتغذى من دمي وانا مقتنعة بما قدمته وهذا لا يعني أنني لم أسئ الاختياريوما.
وهي تتكلم عن مسيرتها التي تعد ستين سنة من بينها سنتان لم تعمل فيهما وجلست بالبيت ترضع ابنها، تقول إنها كانت مقاتلة ولم تكن فقط فنانة رومانسية إذ كانت تجمع بين العمل المنزلي والدوام في المسرح حيث _ والكلام لها _ "أذهب قبل ساعتين لأشم رائحة الخشبة العلاقة بملابسي إلى اليوم".
وعن المسرح، تقول " المسرح الأقرب إلى قلبي، هو سيدي وأبي وأمي وعائلتي، هو الذي أخذني إلى السينما والتلفزيون الإذاعة، وجعلني أشعر أنني ممثلة. هو الذي جعلني لا أخاف من الزمن. أقرأ كثيرا وأسمع واتعلم مخارج الحروف وأجيد العربية الفصحى التي مكنتني من المشاركة في أعمال عالمية وعربية خاصة التاريخية منها".
في السياق ذاته، تضيف " أدين للمسرح فلو بدأت من التلفزيون أو السينما لما كنت أديت أدوارا شامخة، فعلى خشبة المسرح وإن لعبت دور خادمة أشعر أنني ملكة، ولقد لعبت أدوارا أكبر من عمري ودربتُ صوتي".
وعن أدائها لدور الأم دون أن تكون نفسها تقول "هذا الهاجس يتعبني لذلك لا أمثل دورا اعتباطيا وانا لا أجذب الشخصية لي بل أذهب إليها وأتبنى حكاياتها".