لا شيء يمكنه تفسير توقيت إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق علي العريض بعد الجدل الذي رافق الإعلان عن نسبة الإقبال على الانتخابات سوى "استراتيجية الإلهاء" لنعوم تشومسكي.
فلا يمكن تحويل أعين المواطنين عن الانتخابات إلا بحدث آخر يحظى باهتمامهم ويشغلها عن التدقيق في تفاصيل "المهزلة" التي تطرح أكثر من تساؤل في علاقة بمسار 25 جويلية.
ومع كم الانتقادات التي طالت العملية الانتخابية التي صارت محل تندر لما شابها من تفاصيل سريالية لم يحد النظام من حل سوى "التمعش" من رأس مال سقطت عنه صفة الرمزية، وهو محاسبة قيادات حركة النهضة.
فلحظة 25 جويلية نشأت من فكرة "التخلص" من حركة النهضة وتغذت من رغبة "جماهيرية" في القطع مع عشرية لم تحقق أهداف الثورة ومطالبها وعمقت الأزمة الاقتصادية وأثقلت كاهل المواطنين.
وليس من باب الصدفة حديث قيس سعيد في بلاغ رئاسة الجمهورية عن المشككين في الانتخابات وعن تعلق قضايا بهم، إذ لم يمض وقت قليل إلا وأعلنت محامية علي العريض عن إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق منوبها.
وقالت المحامية إيناس حراث إن "حاكم التحقيق بالمكتب 12 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أصدر بطاقة إيداع في حق رئيس الحكومة السابق علي العريض في ما سمي بملف التسفير".
وأضافت أنه "قد مثل إراديا و في حالة سراح طبقا لموعد مسبق و تم استنطاقه طيلة ساعات و ترافع عنه فريق دفاعه طيلة ساعات أيضا."
والحديث عن استراتيجية الإلهاء في علاقة بالحكم في قضية علي العريض ليس من باب التشكيك في القضاء وإنما من باب ما بات معتادا من توظيف للتوقيت لتحويل وجهة المواطنين إلى أمر آخر خاصة وأن التعاطي مع القضايا المتعلقة بقيادات حركة النهضة باتت أشبه بالمسلسلات.
فمنذ الإعلان عن إجراءات 25 جويلية وما رافقها من شعارات تتعلق بالمحاسبة إلى اليوم، يستدعي القضاء قيادات حركة النهضة وتتحدث وسائل الإعلام عن الإيقافات، ومن ثم الوعكات، ويطلق سراح القيادات ومن ثم يتم دعوتهم للتحقيق من جديد حتى بات الأمر مثيرا للسخرية.