ترسبات محملة بمواد كيميائية على مستوى وادي السهيلي وأسفل المنشأة المائية "قنطرة القويفلة" وعلى مستوى وادي شاكمو، من مخلفات مغاسل شركة فسفاط قفصة، يقع تصريفها بمدخل ولاية توزر بالطريق الوطنية رقم 3 منذ عشرات السنين ومع مرور الوقت تحولت الى خطر بيئي يهدد الأرض والنبات والحيوان والإنسان.
ونظرا لقيام الشركة بتصريف فواضل مغاسل الفسفاط بتلك المنطقة المعروفة تاريخيا باستغلالها كأراضي مرعى، وجزء منها أرض اشتراكية يخصصها أصحابها لتربية الأغنام والإبل، فإن أولى الاضرار لحقت قطيع الماشية، بحسب تأكيد عدد من المربين وخاصة من أهالي قرية شاكمو المحاذية لوادي السهيلي.
وما زاد الوضع البيئي خطورة، بحسب توصيف عبد الناصر محجوبي أحد المربين، قيام شركة فسفاط قفصة بتحويل وجهة الوادي وحفرها مجموعة من الخنادق لتصريف المياه المحملة بالمواد الملوثة، ما أدى الى نفوق عدد هام من رؤوس الإبل بعد غرقها في الخنادق أثناء محاولتها الشرب أو المرور الى الجهة المقابلة، وأضاف انه تمت دعوة الجهات المعنية قصد تركيز حواجز (طوابي)، تمنع دخول قطعان الإبل الى المنطقة، إلا أنه لم تتم الاستجابة والاكتفاء بحفر الخنادق كوسيلة لإبعاد فواضل المياه عن وادي السهيلي وقنطرة القويفلة، وفق قوله.
ولاحظ ذات المصدر تدهور الحالة الصحية للقطيع سواء من الأغنام أو الإبل وإصابتها بأمراض منها تساقط الاسنان في سن مبكرة، وظهور علامات الشيخوخة بسبب شربها من الخنادق المحتوية على مياه ملوثة بترسبات ومواد كيمائية وفضلات الفسفاط.
ويعيش سكان قرية شاكمو القريبة من وادي السهيلي، والتي تصلها الفواضل والمياه الآسنة انطلاقا من وادي السهيلي الى وادي شاكمو الاشكال ذاته، حتى أن نشاط تربية الماشية وهو النشاط الأبرز للأهالي تحول الى نشاط ثانوي بتخلص غالبيتهم من قطعانهم بعد بروز عدة أمراض قضت على الثروة الحيوانية، كما طالت انعكاسات المواد الكيمائية المحملة مع المياه أو الهواء، صحة الإنسان حيث تزايدت حالات المرض بالسرطان، وفق ما عبر عنه عدد من الاهالي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء .
وقد عاينت المندوبية الجهوية للديوان الوطني لتربية الماشية وتوفير المرعى الاضرار المذكورة بعد ورود تشكيات من المربين، وفق المندوب الجهوي عمارة نصيري، الذي قال إن المندوبية سعت الى الإحاطة بالمربين وخاصة بعد نفوق عدد من رؤوس الإبل بسبب غرقها في الخنادق الموجودة، بالإضافة الى ملاحظة مظاهر الشيخوخة المبكرة لدى قطيع الأغنام والإبل بسبب شربها من المياه الملوثة.
وأضاف ان الاضرار لا تقف عند هذا الحد، فقد تحولت حالة المراعي في تلك المنطقة والمناطق المجاورة الى أراض بور بعد انتشار فضلات الفسفاط والمواد الكيميائية بشكل واسع وتأثيرها في الغطاء النباتي الذي لم يعد صالحا لإنبات المرعى، وهو يقتصر على أنواع من الأعشاب والقصب المضرة بصحة الحيوان، بالإضافة الى إمكانية ولوج المواد الكيميائية الى الطبقات السفلية للأرض مع احتمال تلوث المائدة المائية وتأثيرها بشكل مباشر على الانسان.
ورغم تعهد شركة فسفاط قفصة بجهر وادي السهيلي وخاصة أسفل المنشأة المائية "قنطرة القويفلة" التي تصدعت وظهرت بها تشققات قصد إزالة ترسبات فضلات المغاسل فإن مربيي الماشية وعددا من ناشطي المجتمع ينتظرون حلا جذريا وعلميا يحمي البيئة من مخاطر هذه المواد بتصريف فواضل مغاسل الشركة إما في قنوات أو أحواض مبنية بالخرسانة حتى لا تتسرب الى المائدة المائية وطبقات الأرض.
المصدر: وات