"البلد" حي عريق في جدة تعبق منه رائحة الماضي وترشح تفاصيله بحكايات مشوّقة، وفيه تصدح الحجارة بصمودها في وجه كل التغييرات وتختزل الشبابيك التي ترك عليها الزمن بصمته وذهب ببعض من زجاجها معنى البقاء.
في مدينة جدة العتيقة والعريقة، جزء من التاريخ مازال متشبّثا بروح تصاميمه المعمارية ومميزاته الثقافية، برزخ يفصل بين الماضي والحاضر ويحملك إلى عوالم مدادها الخيال والسكينة.
وانت تسير في جدة التاريخية أو "البلد"، الحي الأقدم في جدة والمصنف على قائمة اليونسكو، تشدك الشوارع القديمة المشحونة بالحنين والأبنية المؤلفة من عدة طوابق تعانق الأفق وتتحدى الغيرات الجذرية من حولها.
في الرحلة التي يتماهى فيها الفن والتاريخ تغوص أنظارك، في منزل من ثلاثة طوابق مطرّز بنوافذ وشرفات صغيرة ومعزولة، هو عينة من بنايات بأسلوب معماري خاص تسمى "بالرواشين".
"والرواشين"، فضاءات رمزية محملة بالحكايات ففيها تجلس النساء ويراقبن الرجال القادمين من اجل خطبة إحداهن ويتفحصنه مليا ويمعن في التثبت من شكله دون ان يَـبـدُون له.
تفاصيل كثيرة تشدّك إليها في "البلد" وتغويك بالبحث في خفاياها، ولكنك تنقطع عنها حينما تقع عيناك على الحمائم التي تزيد تفاصيل المكان بهاء وتسري بك إلى عوالم روحانية.