"أريد فستانا مطرزا بالحب" أمنية كتبتها مرة على صفحتي بفايسبوك، قفزت إلى ذاكرتي وأنا أتنقل بين أروقة العرض في القرية الحرفية بحومة السوق بجربة.
حينما كتبتُ هذه الكلمات كنتُ أسيرة حالة ذهنية ونفسية أفتقد فيها الشغف والمحبة في أشياء كثيرة من حولي ولم يخطر ببالي حينها أنني سألتقي امرأة تطرز بالمحبة والرضا.
"فاطمة نوال" امرأة ترتسم الابتسامة في عينيها قبل شفتيها، مرحة، مقبلة على الحياة، وبسيطة إلى درجة ترغبك في البقاء معها لفترة أطول لمعرفة المزيد عنها.
هي أصيلة بني خداش من ولاية مدنين، أخذت من أهل الجنوب كرمهم وجودهم، معطاءة ، تضفي عليك من مشاعرها وأحاسيسها الكثير وتحادثك دون حواجز.
في المساحة المخصصة لعرض منتجات "ورشة تطريز نوال"، تتبدى لك منتوجات كثيرة بين ملبوس ومفروش صُنعت جميعها بإتقان ووراء كل قطعة منها قصة إصرار وصمود أمام غزوة الآلات التي باتت تهدد التطريز اليدوي.
بعد جولة في المعرض الذي يضم حرفيين وحرفيات من كامل تراب الجمهورية، كان المستقر في الركن الذي يحمل في تفاصيله رائحة بني خداش وطيبة أهلها وكان الحديث حلوا مع امرأة اختارت أن تعمّد تصاميمها بالمحبة والرضا.
رغم الصعوبات الكثيرة التي تعترضها والتي سنكتفي منها ما يتعلق باقتناء الأقمشة وغلائها وقلة اليد العاملة، إلا أنها تمسكت بالتطريز اليدوي ولم تستغن عنه لصالح الآلة رغم نصائح الكثيرين من حولها.
مجهود كبير تبذله في التطريز ولكنها لم تستغل الأمر لرفع الأسعار بل إن القيمة المالية التي تحددها لمنتوجاتها تبدو أقل بكثير مما تبذله من حب وإتقان.