هو مخرج مختلف يستنطق الصمت لتسيل على وقعه حكايات من لبنان الذي ما انفك يعاني الأزمات، حكايات يرسم ملامحها ويلونها المشاهد وفق تمثلاته للأوضاع هناك.
كريم قاسم مخرج شاب في رصيده ثلاثة أفلام خلق من خلالها أسلوبا خاصا به يحاكي شخصيته التي تمقت الضجيج والحديث المفرغ من معناه فتراه مقلا في الكلام مكثرا من التأمل.
في فيلمه "أخطبوط" يترجم ضجيج انفجار ميناء بيروت إلى صمت يعكس فيه كل تلك الأحاسيس العميقة التي تتولد عن سماع الدوي ورؤية أكوام الحطام، صمت يلامس كل الاتجاهات عبر كاميرا ثابتة.
هذا العمل السينمائي الذي تخبط في رحم الصدفة لم يكن في الحسبان لكن وصول كريم قاسم إلى لبنان يوما قبل الانفجار وإقامته في فندق للعزل الصحي قبالة الميناء حيث جالس أمه في الشرفة ساعتها لينجوا من الموت ويبعث الحياة في فيلمه.
هي ليست المرة الأولى الأولى التي يعانق فيها الموت وهو الذي نجا من حادثة اغتيال رفيق الحريري عام خمسة وألفين، ليعود في كل مرة إلى الحياة وهو مؤمن بأن الموت قريب جدا وبأن الصمت أبلغ من الكلام.
عن تأثير الأحداث التي عايشها في أسلوبها السينمائي الموشح بالصمت، يقول كريم قاسم إنه صنع أسلوبه الخاص به وإنه لا يكتب سيناريو كاملا لأفلامه، مضيفا "لأنني لبناني أنا جاهز لأي تغيير".
في حديثه عن ملامسته الموت مرتين، يقول في فيديو لرياليتي أون لاين " منذ زمن أشعر أنني سأموت قريبا لهذا السبب أصنع افلاما متتالية وأنتجت ثلاثة أفلام في ثلاث سنوات، فالموت قريب وكل شي يمكن أن يتغير في اي ثانية".
أما عن اختياره الصمت في رواية انفجار لبنان وأثره في النفوس، فيبين أنه شعر بأنه مهما قال بالفيلم لن يؤدي المعنى وأنه بالصمت يمكن أن يقول كل شيء بعد هذه المأساة ويترك مجالا للمشاهد ليتني حوارا بينه وبين الفيلم.
وعن خيار أن تكون الكاميرا ثابتة، يشير إلى أن الفيلم مفتوح على كل التأويلات وأن الكاميرا إذا تحركت سيكون أمام فيلم آخر ولن نكون أمام إحساس الشخص الذي يجلس أمام الكاميرا.
في سياق متصل، يضيف " مع فيلم صامت يجب أن تكون الكاميرا ثابتة"، لافتا إلى أنه يصور جزءا من شخصيته ويدعو المشاهد إلى التفكير على مهل في كل ما يحصل من حوله، وفق قوله.
كما تحدث عن الجماهير بين الروائي والوثائقي في "أخطبوط" وعن فيلم الجديد الذي تغير مساره بعد انفجار آب والذي من المنتظر أن يعرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته القادمة بعد حصوله على دعم من صندوق البحر الأحمر.