يحكى أنه لما سمع الصاحب بن عباد عن «العقد الفريد » لابن عبد ربه سعى في طلبه حتى إذا حصل عليه قال: «هذه بضاعتنا ردت إلينا»، إشارةً إلى أن المؤلف قسّم مؤلّفَه إلى خمسة وعشرين كتابا، ومع أنه أندلسي، فإن أكثر ما نقله كان من أخبار أهل المشرق.
تذكرت هذه الحكاية وأنا أتصفح كتاب أمين محفوظ "مسار دستور 2022 بين حلم الديمقراطية ومخاطر الدكتاتورية" الصادر مؤخرا عن دار محمد علي للنشر بتقديم مهم للمفكر يوسف الصديق.
فالكتاب في 288 صفحة من الحجم المتوسط، خصص أمين محفوظ ثلثيها (195 صفحة) للملاحق وهي نصوص الدساتير من 1959 إلى 2022 والمراسيم الرئاسية. وكنت متلهفا طبعا لقراءة أكثر من 93 صفحة عن التجربة المريرة التي مرّ بها الأستاذان أمين محفوظ والصادق بلعيد اللذان أرى أن فضيلتهما في كونهما أسقطا آخر قناع كان يخفي الحقيقة الكاملة لسيادة الرئيس: رجل مسكون بأفكار ثابتة وغير مستعد للاستماع إلى أي كان ..حتى من يحذره من الهاوية التي يتوجه إليها رويدا رويدا ومعه بلد بأسره.. حتى من يعاديه حتى أحبابه بسبب إصراره على التمسك ببصيص من الأمل في ما لا أمل فيه..
وفي تقديم أولي للكتاب سأكتفي بأفكار عامة يخرج بها القارئ عن الرئيس قيس سعيد بمجرد تصفحه لمحتوى الفهرس:
_ ارتباك في إدارة الأزمة
_ اضطراب في مراحل إعداد الدستور
_الاعتماد على استشارة قاطعتها الأغلبية الساحقة من الشعب
_ عرقلة تكوين لجنة تساعد رئيس الجمهورية على إعداد مشاريع التعديلات
_ اختيارات دستورية لا تكرس النظام الديمقراطي
_ اعتماد آليات تثير الحيرة
_ تنظيم مرتبك للاستفتاء
_ إقرار مضامين دستورية تثير الحيرة
_ دستور مخيّب للآمال
_ صياغة غريبة للتوطئة
_ تعميق أزمة هوية الدولة
_ هيمنة مطلقة لرئيس الجمهورية على السلط في الدولة
_ تدخل رئيس الجمهورية في جميع السلط
_ إقرار عدم مسؤولية رئيس الجمهورية
_ إقرار نظام غريب لعلوية الدستور
_ المخاطرة بأحكام انتقالية غريبة…