تشهد مدينة المعمورة من ولاية نابل منذ جويلية الماضي حالة من الاحتقان تتجلى في الاحتجاجات الرافضة لما يسمى "مشروع حماية مدينة المعمورة من الفيضانات" المزمع تنفيذه من قبل وزارة التجهيز والإسكان
ويتمثل المشروع، وفق الوزارة، في مد قنوات تصريف لمياه الأمطار تحت الأرض بهدف الحماية من الفيضانات، وذلك عن طريق تجميع المياه بسبخة المعمورة قبل أن تواصل طريقها إلى البحر.
ورغم رفض الأهالي للمشروع بسبب غياب سبب لتركيزه خاصة وأن المعمورة لم يسبق أن شهدت فيضانات، انطلقت أشغاله وسط مخاوف من تحوّل هذه القنوات الى قنوات لتصريف مياه الصرف الصحي وتجمّع الأوساخ والفضلات وتدفقها داخلها لتصب مباشرة بسبخة المعمورة ومنها إلى البحر.
والمياه التي ستتدفق في القنوات المزمع مدّها ستتجمّع من مناطق صناعية مجاورة لمدينة المعمورة تقع شمال الطريق الجهوية رقم27 حيث توجد عدة مصانع ومعاصر زيتون ومسلخ بلدي غير مجهزين بشبكات تصريف المياه وغير خاضعين للرقابة ولا يحترمون قواعد حماية البيئة، وفق معلومات قسم العدالة البيئية، بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وقد تلقى قسم العدالة البيئية بالمنتدى تشكيات أهالي المعمورة المحتجين على سياسة المرور بقوة المتبعة من طرف السلط المعنية لتنفيذ هذا المشروع الذي سينجرّ عنه حتما تلوث شاطئ البحر والسبخة وهلاك الأراضي المتاخمة لها وإنتشار الأوبئة مما ينبئ بكارثة بيئية وصحية وإجتماعية على المنطقة ومتساكنيها الذين يتجاوز عددهم 8000 ساكن، حسب ما أورده المنتدى.
يشار إلى أن سبخة المعمورة مصنفة محمية بيئية دولية وفق اتفاقية رامسار لحماية المناطق الرطبة وكل تدفق للمياه المستعملة والملوثة إليها سيفقدها كل قيمة بما أنها تحتوي على نسبة ملوحة عالية وتستقطب أكثر من 60 نوعا من الطيور المهاجرة التي تتغذى من ثروتها النباتية.
أما شاطئ المعمورة فيمثل المتنفس الوحيد للأهالي ومورد رزق لعديد العائلات خاصة في الموسم الصيفي مع توافد المصطافين من جهات أخرى وهو ما يفسر مخاوف الأهالي خاصة أمام تردي الوضع البيئي مؤخرا في مناطق أخرى على غرار منزل تميم .
وتنتصب بالمعمورة خيمة الاعتصام المعارض للمشروع تحت شعار "لا لمشروع إغراق المعمورة" حيث يطالب الأهالي وزارة التجهيز والإسكان وبلدية المكان بإلغائه تماما في ظل وجود مغالطات فنية وتقنية في الدراسات الفنية وغياب دراسة التأثير على المحيط السابقة لإنجازه.
وأمام تواصل احتجاج أهالي المعمورة وتمادي السلط المركزية والمحلية في صمتها وإزاء الخطر المحدق بالمنظومة البيئية والصحية والاجتماعية والاقتصادية للمنطقة، يدعو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وزارة التجهيز والسلط المعنية الى اتاحة ملف المشروع والدراسات المصاحبة له للعموم وبلدية المعمورة إلى الوقوف في صف الأهالي ولعب دورها وفق ما ينص عليه الفصل 240 من مجلة الجماعات المحلية.
كما يعبر المنتدى عن دعمه اللامحدود لاحتجاجات التي متساكني المعمورة قصد الدفاع عن حقهم في بيئة سليمة ويدعو السلط المعنية للإصغاء الى مطالبهم والرد عليها بأكثر شفافية من أجل تجاوز الاحتقان الاجتماعي وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الوطنية.
ويحمل المسؤولية كاملة لوزارة التجهيز والإسكان وباقي السلط المعنية في حالة وقوع كارثة بيئية وصحيّة من شأنها أن تضر بالمحمية البيئية العالمية سبخة المعمورة وبحر المعمورة وأن تحرم الأهالي من حقهم في بيئة سليمة وفي العيش الكريم وحقهم في الحياة، وفق ما ورد في بيان تلقت رياليتي أون لاين نسخة منه.