بعيدا عن تلك الصور النمطية المتواترة عن الأحياء الشعبية وعن أبنائها، بعيدا عن النقاشات السطحية التي تحصرهم في ركن واحد، بعيدا عن الوصم والتحقير والتهميش في تجليات مختلفة، تأتي مسرحية "الملاسين ستوري" لترسم وجها آخر للأحياء الشعبية من زاوية الملاسين.
"ملاسين ستوري" أو حكاية الملاسين مونودرام من إخراج ريان القروي ونص نور الدين الهمامي
وتمثيل بلال البريكي وسينوغرافيا نيازي مسعودي. وموسيقى حمزة بوشناق وتصميم ملابس سهام رزڨي إنتاج بدعة للإنتاج و التوزيع الفني.
وتروي المسرحية قصة شاب تونسي موهوب في التمثيل استحوذ إثر أحداث 14 جانفي 2011 على دار الثقاقة حي الطيران بالملاسين ليحولها من فضاء مقفر إلى فضاء يروي مشروعا ثقافيا وفنيا يؤمه أبناء الجهة.
وفي منطلقات النص إحالات إلى أن الثورات التي لا تمس الجانب الثقافي ستؤول إلى الزوال وإلى أن الإبداع يولد من رحم المعاناة وإلى أن الثقافة حق للجميع حيثما كانوا، والحقوق تُفتك ولا تُهدى.
"بلال" الشخصية الرئيسية في القصة يواصل نسج تفاصيل مشروعه الثقافي وينطلق بفتح باب الترشحات لاستقطاب أبناء الجهة لتكوينهم مسرحيا ومن ثم العمل على مسرحية بعنوان "ملاسين ستوري" فيبدو العمل كمسرحية داخل المسرحية.
وفي الليلة المنتظرة، ليلة العرض تكون السلطة في الموعد عبر يدها القوية ويحل البوليس والأمن ووالي الجهة وترسانة من المسؤولين ويطالبون الشباب بوأد حلمهم والتخلي عن دار الثقافة.
المسؤولون أنفسهم لم يفكروا يوما في أثر غياب فضاءات ثقافية في الجهة على المتساكنين ولكنهم قدموا جميعا ليطالبوا بإخلاء المكان لتحويله إلى فضاء تجاري في تكريس لثقافة الاستهلاك.
هنا يتجسد دور الثقافة في المقاومة وفي مواجهة كل أشكال تهميش الفكر وتسطيحه وترذيله ويدافع الشباب عن حلمهم رغم التهديد والوعيد ويبرز أثر الفعل الثقافي في الوعي.