منذ 24 ساعة والتنديدات تتوالى بما نُسِبَ إلى وزير الداخلية ومفاده وضعه لكل الإعلاميين والسياسيين والنقابيين في نفس سلة من باعوا الوطن. وآخر ما قرأت بيان موقّع من قبل أكثر من 30 جمعية ومنظمة، بيان يتضمن من الأخطاء اللغوية ما لا يغتفر..
و برجوعي إلى حقيقة ما قاله وزير الداخلية وجدت قوله "رجال إعـــلام مرتزقة (لا رجال الإعـــلام مرتزقة).. و"رجـــال أعمال باعوا الوطن" (لا رجال الأعـــمال باعوا الوطن).. و"نـــقابيون باعوا الوطن" (لا النـــقابيون باعوا الوطن).. و"ســـياسيون باعوا الوطن" (لا الـــسياسيون باعوا الوطن)..
وإذا كان غير مطلوب من العامة التفريق بين النكرة والمعرفة، فإن المفروض أن النخب تفرق جيدا بينهما. (وعلى فكرة: التفريق بين النكرة والمعرفة من دروس قواعد اللغة في التعليم الابتدائي!) فعبارة "رجال إعلام" مثلا لا تعني "كل رجال الإعلام".. وقس على ذلك بقية من تحدث عنهم السيد الوزير..
أما السيد الوزير فكان عليه ألاّ يصعّب الأمر كثيرا علينا. كان عليه أن يقول مثلا "بعض رجال الإعلام مرتزقة" عوضا عن "رجال إعلام مرتزقة". (وهنا أسأل السيد الوزير بين قوسين: وماذا يا تُرى يُسمّى هؤلاء الذين يستميتون يوميا في الدفاع عن السلطة الحاكمة ظالمة ومظلومة؟)
ولا أريد أن أختم دون هذه الطرفة غير المقصودة لراشد الغنوشي منذ أيام :
قال الشيخ"إن وقوفنا هنا (أمام القضاء) هو ثـــمـــرة من ثـــمـــار الانقلاب". قال ذلك قاصدا الإساءة إلى الرئيس في حين هو لم يفعل أكثر من ترديد ما يقوله أنصار الرئيس. والسبب أنه لا يعرف أن لفظ "الثمرة" يُستعمَل للحديث عن الإيجابي لا السلبي.
وقبلها بمدة طويلة نسبيا قال حرفيا "نحن لا نجري وراء المناصب بقدر ما نريد خدمة الشعب" غير مدرك أنه بذلك التركيب اللغوي لم ينف جريهم وراء المناصب!!!
ألم أقل لهم: ويلكم من اللغة العربية أيها السياسيون.. وويل اللغة العربية منكم!؟