“أمسيتنا للحزن والأمل” بهذه الكلمات وصفت الفنانة الفلسطينية ناي البرغوثي عرضها الأول الخاص في تونس ضمن برمجة مهرجان الحمامات الدولي، في ظرف تراجيدي فرضته الآلة الصهيونية في حربها الوحشية على قطاع غزة.
” جولة من المشاعر المختلطة والأنماط المختلفة، ومحطات يجمعها حبي الكبير لشعبها الفلسطيني وخاصة أهل غزة، أطفالها ونسائها ورجالها” تحدثت ناي البرغوثي في لحظات رحلت فيها كل الأعين إلى فلسطين.
على إيقاع تقديم الحفل باللغتين العربية والإنجليزية بصوتي الصحفيتين كريمة الوسلاتي وهالة بن خذر دوى اسم فلسطين عاليا وتردد فب الأرجاء صدى كلمات “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”.
في المدارج رفرفت راية فلسطين ولاحت الكوفية، وفي سماء المسرح حلقت حمامة على نسق صوت الناي البرغوثي الصادح بأغنية “فكر بغيرك” من ألحانها ومن كلمات الشاعر
الفلسطيني محمود درويش الذي تسلل صوته في الخلفية.
فعلا هي أمسية للحزن والأمل تحاكي صوت ناي البرغوثي ونغمات نايها، وتتجلى فيها أغان من مدونات مختلفة تراوح بين الفلكلور الفلسطيني واستعادات الكلاسيكيات العربية والانتاجات الخاصة.
بأغنية “زهرة المدائن” كانت الانطلاقة إذ خيرت البرغوثي أن تبدأ من حيث ولدت، مدينة القدس التي وصفتها بمدينة القلوب، ومعها تشكلت ملامح عرض يتماهى فيه الحزن والأمل.
أما الحزن فتفرضه الأحداث التراجيدية التي تعيش على وقعها غزة منذ أشهر وأما الأمل فيعتمر في النفوس التي لا تمتلك غير الدعاء من أجل العدالة، من أجل التحرر من براثن الاحتلال الصهيوني.
ناي البرغوثي التي تستثمر الموسيقى للتعبير عن نفسها فنيا وإنسانيا، اختارت أن تخصص جزءا من عائدات جولتها الموسيقية في تونس والمغرب لدعم مشاريع الإغاثة الإنسانية في غزة.
من الفولكلور الفلسطيني غنت “ناي” يما مويل الهوى”، وكان لها من اسمها نصيب إذ يحاكي صوتها المميز الشجن العالق في ثنايا آلة الناي وتضاهي التقنية التي طورتها رهافته في مغازلة العرب المعقدة.
“فكر بغيرك” أغنية من تلحينها وكلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وصدح صوتها “وأنت تعد فطورك فكر بغيرك.. لا تنس قوت الحمام” وفي الخلفية تسلل صوت درويش ورفرفت حمامة في مسرح الحمامات.
لأم كلثوم والشيخ إمام وسيد درويش والأخوين الرحباني غنت الفنانة التي شقت لنفسها طريقا في منزلة بين بين الطرب العربي وموسيقى الجاز، زادها صوت متعدد الطبقات شاسع المساحات وناي تنفث فيه هواجسها وأحلامها وأوهامها.
الأحداث الدرامية التي تعيش على وقعها غزة منذ أشهر لم تغب عن العرض حيث أهدت ناي البرغوثي أغنيتها “بدري علينا” من ألحانها وكلمات الشاعر الفلسطيني نادر جلال للطفلة الشهيدة “هند” وكل الأطفال الشهداء.
والأغنية من منظور طفولي يتغنى بالأرض والسماء والشمس ويرجع زوال الاحتلال، غنتها ناي البرغوثي وتسربت منها أصوات أطفال تردد “بدري علينا” لتذكرنا بالتراجيديا التي عاشتها الطفلة “هند” قبل أن تستشهد محاطة بالجثث.
للأسرى الفلسطينيين الذي يحلمون بمغادرة سجون الاحتلال ولللاجئين الذين يحلمون بالعودة إلى فلسطين غنت بصوتها المفعم بالأمل “راجعين” من ألحانها وكلمات الشاعر عمر حليحل.
وفي مقطوعة “لونجا حجاز كار كرد” تبدت قدرة ناي البرغوثي على تطويع صوتها ومحاكاة الآلة الموسيقية إلى جانب تمكنها من التجول بين الطبقات الموسيقية ومجاراة عزف الموسيقيين المرافقين لها.