في مواجهة المعهد الفرنسي قبالة اتحاد الكتاب التونسيين، افترش فتيان وفتيات مشحونون بالأمل والمقاومة الأرض وولوا أعينهم شطر الشاشة التي تشبههم في وضوحها واتقادها.
في الضفة الأخرى حائط مضرج بالشعارات المساندة لفلسطين وللمقاومة، وهنا مساحة عرض للأفلام مارقة عن المكان والزمان وخارجة عن سطوة العقلية الاستعمارية.
رسائل بالجملة تناثرت على الثرى قبالة المكان الذي محا صورة الراية الفلسطينية مع اعتقاد واهٍ بأن الطلاء الأبيض سيحجبه وكان الرد سريعا من الشباب الذين جعلوا منه دستورا للمقاومة خطوا فيه الغضب على طريقتهم.
“الحائط لنا” تتسلل التعبيرة من أعين مجموعة من السينمائيين الشبان الذين ضاقوا ذرعا بالبيرقراطية المقيتة وطرق العرض المستنسخة، أفراد لا هم لهم سوى بسط وجهة نظرهم في علاقة بالفعل الفني والثقافي الحر ووجود سبل أخرى لها بعيدا عن محيط “سلطة الإشراف”.
“أيام سينما المقاومة” ليست محض تظاهرة سينمائية، بل هي حركة احتجاج ورفض وبرهان على وجود أصوات أخرى تغرد خارج السرب، حركة لمساندة الشعب الفلسطيني في هذه الحرب و الإبادة الجماعية الممنهجة للعدو الصهيوني.
في الوقت الذي اتخذت فيه وزارة الشؤون الثقافية قرارا قصوويا وألغت أيام قرطاج السينمائية بجرة قلم وأغمضت عينيها عن ثوابها وأصولها وعن تجذرها في فعل المقاومة، يتحصن الشباب الثائر المتمرد بالشارع لعرض أفلام فلسطينية في انسجام مع جوهر السينما كفن ينهل كثيرا من المقاومة.
“لن ننتظر تنظيم دورة سينمائية لندعم المقاومة.. الشّارع يكفينا”، كلمات تلخص فلسفة هذه الحركة التي تختزل ماهية الفن السابع وتؤشر لتحرر فئة من السينمائين من قيود العروض “الكلاسيكية وتخترق جدار الصمت.
بالصورة والصوت، بسينما المقاومة، مزقوا خيوط الصمت وكسروا غطرسة الخانعين والخاضعين والملتحفين بحياد هو ابن الخيانة من خلال عرض 4 أفلام قصيرة اثنين منها للمخرج الفلسطيني محمود أحمد ( “The war inside us” (وثائقي)، و ” Matchstick” (روائي))والثالث لصديقه الشهيد محمد سامي الذي ارتقى وهو يلعب مع الأطفال في القصف على مستشفى “Al-Ahli ” (رسائل من سامي (روائي)) والثالث الرابع للمخرج الجزائري يانيس بالعيد (“Les larmes de la Seine” (تحريك)).
افتتاح الحركة كان على حائط المعهد الفرنسي بصفته أوّل مكان يُمحى منه علم فلسطين، وكان رد الصوت والصورة أقوى من الطلاء الأبيض الذي هوى أمام غضب الشباب الذي لا يرضى الظلم ولا الهوان.
وبعد جينيريك الفيلم الأخير ضمن العروض الثلاثة الأولى ارتفعت الأصوات المتأججة حماسة وثورة منددة بالدعم الفرنسي للكيان الصهيوني ومنتصرة لفلسطين وللمقاومة الفلسطينية ودوى صداها في محيط المعهد الفرنسي..