على امتداد تسع عشرة أغنية أثبت الثنائي “إبِاإي” على ركح مهرجان الحمامات الدولي أن موسيقاهما لا تخضع لتصنيفات ولا تستجيب للسائد والمألوف، موسيقى تكسر الحدود بين القارات وتمزج بين تلوينات مختلفة.
الالكترو والهيب هوب والفولك والجاز والأر أن بي والداون تمبو، موسيقات مختلفة نثرتها الأختان اللتان تحملان أصولا تونسية على الركح وطرزتاها بسحر أغاني اليوروبا التي تضفي مسحة من الروحية على أدائهما.
“ليزا” و”ناعومي” شقيقتان توأم التقت روحاهما عند عشق الفن الذي تسرب إليهما من والدهما عازف الإيقاع الكوبي الشهير “أنجا دياز” وروته والدتهما حتى صار اليوم مشروعا يقتسمان فيه الموسيقى والغناء والرقص.
توأم مرهف الحس يتعارض أحيانا في التعبيرات، لكن الشقيقتين تكملان بعضهما البعض وتنسجمان فتلاحق “ليزا” الألحان والكلمات وتقتفي “ناعومي” أثر الإيقاعات والتمبو وتغنيان بصوتين مختلفين لكنهما متماهيان.
وعلى خشبة الحمامات تبدى عرض مختلف ومجدد ضارب في الموسبقات التقليدية ومنفتح على موسيقات العالم اختالت فيه الشقيقتان بين ماض ساحر تسرب إليهما من محيطه وبين حاضر رسمتاه على طريقتهما.
وهذا الثنائي الموسيقي الفرنسي الذي يجمعه رابط الدم والفن يعتز بجذوره الضاربة في أكثر من بلد منها تونس فجدته لأبيه تونسية، يحرص على أن يضمن خلفياته المتنوعة في موسيقاه من ذلك اسمهما الذي يأتي بلغة اليوروبا وينها كلماته المعمدة بالمشاعر مما حوله.
ثقافات مختلفة نثرها التوأم على الركح ورقص على إيقاعها وأرقص الجمهور الذي ردد معه أغانيهما الجديدة منها والقديمة ، أغانيَ بالإنجليزية والفرنسية والاسبانية واليوروبا أدتها الأختان التوأم بفيض من الإحساس يحاكي قصصها النابعة مما تعايشانه.
وصاحب الأختبن على الركح عازفان شاركاهما العزف والغناء والرقص أحيانا في أجواء تحاكي صخب الإيقاعات وانسيابيتها وتشبه ثراء التجربة الموسيقية للتوأم الذي شرع أبواب عوالم موسيقية مختلفة على الركح.
وإلى جانب الطاقة التي سربها الثنائي ومرافقيهما على الركح غناء ورقصا وعزفا، تعتبر الإضاءة من النقاط اللافتة في العرض إذ تمثل الخيط الناظم بين تفاصيله فحركة الضوء تعلن في كل مرة عن ميلاد أغنية جديدة على الركح كما أنها تتخفى وتتبدى وفق نسق الموسيقى والرقص.
حالة من التناغم والانسجام بين التوأم الذي يتعاطى مع الموسيقى على اعتبارها مقدّسا بدت على الركح وتسللت إلى الجمهور الذي انغمس معهما في رحلة فنية حسية عززها فضاء العرض.
ولم تخف الأختان انبهارهما بركح مهرجان الحمامات الدولي الذي يغنيان فيه تحت سماء مفتوحة حذو البحر وسعادتها بالغناء لأول مرة في تونس، وفق تعبيرهما.
كما أعربتا عن تأثرهما بالغناء في تونس بلد جدتهما التي كانت حاضرة في المدارج وأعلنتا أنهما ستغنيان عن الحب كما غازلتا الجمهور الذي تفاعل معهما في أكثر من مناسبة..
عن الحب بمختلف تجلياته، عن مسارات الحياة بحلوها ومرها، وعن سبل الشفاء بما في ذلك البكاء غنى الثنائي واهتزت الخشبة تحت أقدامه في عرض قوامه الأخوة والاختلاف والتنوع.