أكد الخبير المالي والرئيس السابق للجمعية التونسية للبنوك والمؤسسات المالية أحمد كرم أنه من الضروري التفكير في تطوير آليات الدفع في تونس إثر دخول القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلق بالصكوك حيز التنفيذ، لأنه في حال عدم تطوير هذه الآليات، سيؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في الأوراق النقدية المتداولة والتي بلغت رقما قياسيا حاليا، 23 مليار دينار في حين كانت لا تتجاوز 21 مليار دينار في شهر جانفي 2024.
وأشار كرم خلال ندوة علمية عقدتها الجامعة العربية للعلوم حول الإجراءات القانونية الجديدة للتعامل بالصكوك والسلامة السيبرانية، بحضور خبراء ومديري بنوك وطلبة، إلى أن تطبيق القانون جاء بشكل طارئ، وهو ما أدى إلى عدم استعداد كافٍ للتفكير في تطوير آليات الدفع الرقمية بما يتناسب مع هذا التحول. ورغم أن تطبيق القانون كان مستعجلًا، إلا أنه يراه خطوة إيجابية نحو العصرية، وإتاحة الفرصة لظهور آليات دفع حديثة تتماشى مع التطورات التكنولوجية في العالم.
واقترح كرم بذل المزيد من الجهود لتطوير استخدام البطاقات الائتمانية كآلية دفع بديلة للصكوك. وأوضح أن البطاقات الائتمانية في تونس تُستخدم بشكل متزايد بفضل جهود البنوك، إلا أن الاستخدام الحالي يقتصر غالبًا على سحب النقود من الصرافات الآلية، في حين أن الهدف الأساسي من هذه البطاقات هو تسهيل الدفع الإلكتروني وعدم الاعتماد على النقد “الكاش”. وأشار كرم إلى أن أحد أسباب هذا التوجه يعود إلى فقدان الشفافية الجبائية، حيث يترك الدفع الإلكتروني بصمة واضحة يمكن تتبعها، بينما لا يمكن تقفي أثر الدفع باستخدام “الكاش”. كما أشار إلى أن بعض التونسيين قد يترددون في استخدام الدفع الإلكتروني بسبب العمولات (commission) التي تتقاضاها البنوك مقابل خدماتها.
وأضاف إلى أن الدفع عبر الهاتف المحمول يعد من الحلول المتبعة في العديد من البلدان على سبيل المثال، في الهند، يستخدم أكثر من 600 مليون هندي الهواتف المحمولة في دفع المعاملات المالية. وأضاف أن التحويلات الفورية تعد من بين الآليات الحديثة التي من الممكن العمل على تطويرها وهي تتيح للأفراد تحويل الأموال في الوقت الفعلي بين الحسابات البنكية، ما يسهم في تسريع العمليات المالية وتقليل الاعتماد على النقد.
كما أكد أحمد كرم أن القانون الجديد الذي تم إقراره في تونس هو قانون مبتكر رغم الانتقادات التي تواجهه، مشيرا أن الانتقادات التي تشير إلى أن القانون يعرقل النشاط الاقتصادي هي صحيحة ، لكن هذا يعد أمرًا طبيعيًا في أي ثورة تقطع مع الماضي، حيث تسبّب التغيرات في البداية تكاليف وصعوبات قبل أن تؤدي إلى مكاسب وفوائد طويلة المدى.
في سياق آخر، تحدث محمد الصفراوي المدير المركزي بالقطاع البنكي عن بعض الأرقام المتعلقة بالشيكات في تونس. وذكر انه تم في عام 2024، إصدار 24.5 مليون شيك في تونس، بقيمة إجمالية بلغت 129.67 مليار دينار، مسجلة انخفاضًا في العدد بنسبة 2.7% مقارنةً بالعام السابق 2023، في حين شهدت المبالغ زيادة بنسبة 5.5%.
ومن حيث وسائل الدفع، تمثل الشيكات 36% من إجمالي عدد وسائل الدفع، بينما تشكل 53% من إجمالي المبالغ المالية المدفوعة.
أما فيما يتعلق بالشيكات بدون رصيد، فقد بلغ عددها 367,500 شيكًا، مما يعكس معدل رفض يصل إلى 1.5% من إجمالي عدد الشيكات الصادرة. وبالنسبة للقيمة المالية للشيكات بدون رصيد، فقد بلغت 3.24 مليار دينار، وهو ما يمثل 2.5% من إجمالي قيمة الشيكات الصادرة في 2024.
كما أشار الصفراوي إلى مختلف الإصلاحات الكبرى التي أقرها القانون 41 لسنة 2024، والتي تحمل البنوك التزامات ومسؤوليات كبرى، مما يزيد من الرقابة على العمليات المالية عن طريق الصكوك. كما تم اعتماد صيغة جديدة “للشيك” مع تحديد سقف لاستخدامه، وذلك لتنظيم المعاملات بشكل أكثر دقة.
و في خطوة لتخفيف العقوبات، تم إلغاء تجريم إصدار شيكات بدون رصيد للمبالغ التي تقل عن 5000 دينار. كما أُتيح رفع دعاوى قضائية فقط بناءً على شكوى من المستفيد، مما يعزز حقوق الأطراف المتضررة.
أخيرًا، تم إنشاء منصة مركزية تحت اسم “تونشاك”، التي تهدف إلى تسهيل عملية إدارة والتحقق من الشيكات عبر نظام رقمي يعزز من الشفافية والأمان في التعاملات المالية.
كما تحدث محمد الصفراوي عن مختلف خصائص الشيكات الجديدة والتي تتمثل في إضفاء عدد من التعديلات التي تهدف إلى تنظيم أكثر صرامة للمعاملات المالية. أولاً، تم إدخال آلية التسقيف حسب قدرة الحريف المالية، حيث يتم تحديد قيمة قصوى للشيك، والتي لا يمكن أن تتجاوز 30 ألف دينار. بالاضافة إلى إلزام البنوك بتحديد مدة صلاحية للشيك لا تقل عن ستة أشهر، بحيث لا يمكن التعامل بالشيك بعد انقضاء هذه المدة.
من جهة أخرى، فرض المشرّع التونسي في تعديلات سنة 2024 أن يكون الشيك موجهًا إلى مستفيد واحد فقط، مما يمنع إمكانية التظهير. كما تم إدخال تقنية “QR Code” للتحقق من رصيد الشخص الذي أصدر الشيك، مما يعزز الشفافية ويقلل من المخاطر المرتبطة بالشيكات.

صورة للشيك الجديد
مريم حكيمي