مساحة فلسفية وفنية مختلفة يشكلها المخرج الجزائري محمد لخضر تاتي في فيلم الروائي الطويل “بين وبين” الذي يهدم فيه الحدود المكانية والزمنية ويعيد تشكيلها على تخوم جمالية الأوراس.
صورة أخرى للتهريب والمدربين يصورها فيلم “بين وبين” الذي شكل برزخا بين عوالم مضادة ومتناقضة وفكك الرؤى النمطية المرتبطة بعالم التهريب والمهربين من خلال شخصيات تهنل من جماليات المكان وتوترات الحكاية.
للحديث عن هذا الفيلم الذي يغوص في مخيال المهربين ويشرّح علاقاتهم بمحيطهم التقت رياليتي أون لاين المخرج محمد لخضر تاتي والممثلين سليم كشيوش، سليمان دازي، وهناء منصور.
ومن جهته قال المخرج محمد لخضر تاتي إن قضية الحدود بالنسبة له قضية سينيماتوغرافية بامتياز، مشيرا إلى أنه تفطن إلى أهمية الحدود من مشاهدة الأفلام وطريقة معالجة المسألة من جغرافيا إلى جغرافيا.
في سياق متصل، أضاف ” لدي حب كبير تجاه الجزائر وفي نفس الوقت علاقتي بها تتوشخ بالتوتر وقد أردت تضمين ذلك في فيلمي عبر الحدود الممتدة التي تشمل الكثير من التناقضات، والحدود في كإسقاط على الجغرافيا ستؤثر كثيرا على المكان والزمان”.
” الطريقة التي بها نعيش الحدود تحمل جاذبية كبيرة ومخيال الناس في الحدود خاص ومرتبط بالمكان والخيال رغم الظروف الصعبة تتكثف المفارقات وهذا ما تمثلته لدى سكان الحدود بين تونس والجزائر”، قال المخرج لخضر تاتي وهو يفسر تيمة الحدود في فيلمه.
كما أشار إلى أن الفيلم تسلسل لقاءات تشكلت في مخيال مهرب ومعها اكتملت ملامح الشخصيات التي تحمل في داخلها مشاعر غير التي تظهرها في الغالب.
وعن ذكورية عالم التهريب وما حتمته في الكاستينغ، قال ” عندما كنت بصدد الكتابة كنت أريد أن أصنع فيلما مع المهربين وأتبع شغفا بأن أعطي صورة أخرى مغايرة لما يدور في مخيلتنا عن كونه منحرفا ولكن المنتجين أقنعوني بأن أعمل مع ممثلين والتقيت سليم وسبمان وهناء وغيرهم من الممثلين وأعجبتهم الشخصيات.
وفيما يتعلق بصعوبات الإنتاج، قال إن الفيلم تحصل على تمويل عمومي جزائري فقط ليكابد الفريق لإنهاء الفيلم خلصة في مرحلة ما بعد التصوير مما فرض التوجه للبحث عن تمويل في المنطقة العربية ومن ثم في أوروبا ولاقى المشروع تحفظات على موضوعه.
لكن إيمان فريق العمل بالفيلم ساهم في تذليل الصعاب إذ ساعد كل من الممثلين سليم كشيوش، وسليمان دازي في مرحلة ما بعد الإنتاج كل بطريقته.
وفي هذا السياق قال الممثل سليم كشيوش إن إيمانه بالفيلم تأتى في مرحلة أولى السيناريو المحبوك جيدا وثم من اللقاء مع المخرج محمد لخضر تاتي ومعرفة أن سليمان دازي سيسارك أيضا في العمل.
كما أشار إلى أن التبادل الفكري والفني مع المخرج دفعه إلى مشاركته هذه الرحلة بكب ما أوتي من طاقة لما لمسه من صدق وإرادة فنية لرواية الأشياء كما هي مع نظرة حقيقية للجزائر والنساء والرجال فيها.
أما الممثل سليمان دازي فقال إن السيناريو أعجبه وأنه أصر أكثر على المشاركة في العمل حينما التقى المخرج، مشيرا إلى أن العمل مع سليم كشيوش الذي لم يجتمع معه من قبل في حفزه.
مما شده أيضا إلى الفيلم، وفق قوله، الجزائر وخصوصية المكان الذي دار فيه التصوير وطاقة الممثلين وعطاؤهم غير المحدود، مضيفا “أعتقد أني نادرا ما رأيت فيلما يروي الجزائر الحديثة كهذا الفيلم”.
في المقابل قالت الممثلة هناء منصور إن التجربة كانت رائعة خاصة وانها اكتشفت منطقة الأوراس في التصوير واكتشفت لهجة جديدة وعادات جديدة وموسيقى جديدة في زيارتها الأولى المكان.
كما أشارت إلى أن المخرج جعلهم يعيشون فترة في مكان التصوير ليتعودوا على تفاصيله ويألفوه مما جعل العمل في الفيلم بمثابة الرحلة رغم ما أحسته في البداية من توتر في تجربتها الأولى، وفق قولها.