أكد الباحث ومحافظ التراث بولاية سوسة، محمد علي الخرشفي، صباح اليوم الأحد 26 جانفي خلال مداخلة قدمها ضمن منبر الحوار “أضواء على حوادث جانفي 1952 بجهة الساحل”، من تنظيم جمعية علوم وتراث بالقلعة الكبرى بالتعاون مع الاتحاد الثقافي بسوسة، أنه قد تمّ تقديم طلب إدراج المعلم التاريخي “قبة زاوية سيدي بن عيسى” بالقلعة الكبرى ضمن قائمة التراث الوطني.
وأشار الخرشفي التي تمحورت مداخلته أساسا حول تقديم وثيقة تاريخية نادرة عن القلعة الكبرى في العصر الوسيط الى أن هذا الطلب من المرجّح أن يتم قبوله لما يتوفر عليه هذا المعلم من مقومات تؤهله لينال هذا التصنيف. وستكون بذلك “زاوية سيدي بن عيسى” التي يرجح تشييدها الى القرن الثامن عشر، بحسب الباحث، أول معلم أثري في هذه المدينة الزاخرة بالمعالم التاريخية والثروات الأثريّة الجمّة والتي يلفّ معظمها النسيان والإهمال.
يذكر أن “قبة زاوية سيدي بن عيسى” الواقعة داخل المدرسة الابتدائية التي تحمل الاسم نفسه توجد في قلب مدينة القلعة الكبرى وقد تم ترميمها واعادة احيائها بفضل مبادرة شخصية من الناشط في المجتمع المدني ورئيس جمعية دروب للثقافة والتنمية سابقا، سفيان الفقيه فرج، الذي تجشم صلب هذه الجمعية عناء إعادة الروح لهذا المعلم المنسي لسنوات والمهدد بالانهيار. وهي بادرة ضمن مجموعة من المبادرات التي قامت بها هذه الجمعية برئاسة سفيان الفقيه، الذي افتقدته مدينة القلعة الكبرى وافتقده العمل الجمعياتي التطوعي بعد مغادرته البلاد والاستقرار في كندا. وقد تقدم رئيس الجمعية بتاريخ 14 ديسمبر 2020 بمراسلة الى مدير المعهد الوطني للتراث تتضمن طلب ادراج “زاوية سيدي بن عيسى” كمعلم أثري مصنف تراث وطني.
وفي اتصال مع سفيان الفقيه فرج اليوم، أكد أن جمعية دروب هي “أول جمعية في القلعة الكبرى تقوم بانجاز رسم هندسي مفصل لهذا المعلم وهو رسم من انجاز المهندس المعماري الشاب مهدي بالحاج” وهي من الشروط المطلوبة لتصنيف المعلم. كما أضاف الفقيه فرج أن الجمعية قامت اثناء اشرافه على عملية الترميم وفي سعيه لتصنيف “قبة سيدي بن عيسى” كمعلم اثري مصنف باعداد صور مفصلة عن المعلم اضافة الى حرصه في مناسبات عديدة على استخراج الرسم العقاري للزاوية وما تطلبه ذلك من عناء كبير بحكم وقوع الزاوية تحت اشراف وزارة التربية. وأكد محدثنا أن كل هذه الاجراءات كانت ضرورية من أجل اعداد ملف متكامل. (انظر الصور المصاحبة).
ويشار إلى أن افتتاح هذا المعلم الأثري الذي تحول الى تحفة فنية قد تم يوم غرّة أفريل 2023 بحضور مختصين وخبراء وخصوصا الدكتور محمد علي الخرشفي والدكتورة آمنة غيث، الاستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة الذين واكبا مراحل عملية التشييد لضمان محافظة المعلم على خصوصياته الأثرية والفنية الأصلية.
وللاشارة ومنذ ترميمه، بقي هذا المعلم مغلقا ولم يتم استغلاله على النحو المطلوب وهو ما قد يساهم مرة اخرى في فقدانه لأهميته ما لم يتم الحاقه بوزارة الثقافة وتخصيصه كفضاء أثري مفتوح للعموم وهو ما سيجعل كل المجهودات التي بذلت تذهب أدراج الرياح بسبب اجراءات ادارية روتينية والحال أن صاحب هذه المبادرة كان يصبو الى تحويل هذا المعلم وغيره من المواقع الأثرية في الجهة الى مزارات وفضاءات تاريخية تتوارثها الأجيال القادمة.