القاهرة/ رياليتي وأنت تتأمل في مسيرة المخرج خير بشارة وتمعن في خطابه المتجانس مع حالته الفنية والإنسانية المختلفة والمتفردة لا يمكن ألا أن تصفه بالمتمرد والمارق عن كل التصنيفات.
لولا خاله الفنان كمال يوسف الذي قدم أول مسرحية إذاعية في مصر لما كان خيري بشارة فنانا ومخرجا خط بصمته في المشهد السينمائي المصري وصنع أفلاما تحكي الهامش على طريقته.
تأثره بخاله وانبهاره به كان جليا خلال حديثه عنه في ندوة حوارية ضمن برمجة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الخامسة والأربعين فهو الذي جعله يقف أمام نفسه ويختار الإخراج مهنة بعد أن كان ينوي أن يصير ممثلا وذلك بعد التوصل إلى أن أهم شخصية هي المخرج.
وفي حديثه عن البدايات أشار إلى أنه والمخرج مارتن سكورسيزي يلتقيان عند نفس المؤثرات من ذلك الواقعية الإيطالية والسينما الحرة الإنجليزية، مضيفا “لم تكن لي أحلام تجارية.. كنت أريد أن أغير الواقع وأحرض الناس على الثورة والتغيير.
أما عن انتصاره للهامش، فيعود إلى نشأته في عائلة تنتمي إلى البرجوازية الريفية حيث كان جده لوالده من أغنياء القرية متمردا غادر ليعيش في جانب آخر من القرية في بيت انجليزي وفي أحد الأيام خاض عراكا مع فلاح فأدماه في مشهد أثر في خيري بشارة.
“كنت في صف الفلاح يومها ولم أكن في صف أبي.. هو موقف مؤثر في حياتي وانحزت دائما للفلاح ضد الظلم” تحدث الفنان الإنسان الذي انتصر إلى الهامش وصنع الفن من أجل الفن فترك بصمة تتعتق بتواتر السنين.
عن الحب العنيف الذي حياه وعن الازمات المالية التي واجهها ولم ينقذه غير المسلسلات تحدث المخرج الذي لم يتخل يوما عن همومه وما يؤرقه وصوّر الصراع في المجتمع والتتاقضات الطبقية والتمرد، وفق قوله.
وعن تشكل أفلامه في مخيلته، قال خيري بشارة إنه لا يرى قصة وإنما يرى صورا وعوالم غامضة، مشيرا إلى أن فيلم “كابوريا” ارتسم في مخيلته قبل أن يصوره إذ يسعى دائما ألى تشكيل عوالم مختلفة.
في سياق متصل، لفت إلى أنه يريد أن يوشح الروائي بروح تسجيلية وأنه لا يحب مشاهدة أفلامه ولكنه شاهد فيلم “قشر البندق” بعد ترميمه وصنع فيديو عن أفلامه من أجل الندوة الحوارية التي أدارها المخرج عمر الزهيري قال إنه استرجع معه الفرح والألم.
عن حثه على الثورة وحبه للانعتاق والحرية وتمرده على التصنيف الذي أعطاه حرية ودينماكية تحدث المخرج وهو يؤكد أن لا قيود له على نفسه وأن أفلامه قائمة بالأساس على الحدس وأن كل ما يقوده في حياته هو الحدس.
وفي بعد آخر من شخصيته يتسلل الملل من الحياة إلى خيري بشارة الذي تجاوز السبعة والسبعين سنة ولكنه ينتصر عليه بسلاح الطاقة الإيجابية، على حد تعبيره لتتخلل حياته لحظات هروب ووقفات تشكل إيقاعها الحقيقي.
“لم أكن أتمنى سيناريو آخر لحياتي” بهذه الكلمات اختزل المتمرد والمتفرد خيري بشارة مسيرة من الفن عمدها بجنونه وحريته وتمرده على السائد والنمطي وملاحقة حدسه الذي أفضى به إلى عوالم سينمائية تمايز بها عن غيره من المخرجين.