هالة من الصوفية تجلت في فضاء دار حسين على إيقاع التماهي بين روح الكوريغراف سفيان ويسي وأرواح الطيور التي رابطت في السقف إلا إثنين منها زينا الركح برقصاتهما التي لا تخضع للتصنيف..
“تبريز” و”شمس” حمامتان تجتمعان على الركح لتحيلا إلى الشاعر الصوفي شمس التبريزي وتشاركان في رسم ملامح لوحات كوريغرافية مفعمة بالحرية في “بيرد” (الطير باللغة الأنجليزية) لسلمى وسفيان ويسي.
و”بيرد” عرض مشترك مع مؤسسة الشارقة للفنون بدعم من جمعية الشارع فن، من خلاله تتشكل سردية جديدة عنوانها الجسد، الجسد الراقص المتحرر من الواقع وماديته والساعي إلى معانقة العلياء وهو يحاكي حركات الطيور.
حركات دقيقة تحاكي صولات الحمائم في سقف فضاء العرض وعلى الركح حيث تحرك سفيان ويسي بكثير من الدقة ودونما افراط في الحركات التي تتصاعد وتيرة إيقاعاتها استنادا الى موسيقي تتماهى مع التعبيرات الكوريغرافية.
أكثر من لوحة كوريغرافية تماهت فيها حركات سفيان ويسي وأنفاسه وخطواته مع حركات الطيور من حوله فبدا كطائر يلاحق الحرية في لوحات حضرت فيها أنماط موسيقية مختلفة منها النمط البدوي والموسيقى الصوفية والموسيقى الافريقية..
حالة من الانتشاء تسري في أرجاء دار حسين على نسق محاكاة جسد سفيان ويسي للموسيقى التي أوجدها جهاد الخميري عبر إيقاعات البندير ونغمات العود والموسيقى الإلكترونية، بالإضافة إلى أصوات الحمام المسجلة في محيطاتها الأصلية التي أضفت بعدا سحريا على العرض.
في الأثناء يزهر الحلم على إيقاع الضوء الخافت والموسيقى التي تترجم اختلاجات الروح ونبضات القلب وإيقاعات الأنفاس والخطوات وحشرجة “المنجور” الآلة الموسيقية التقليدية الإماراتية التي تصنع من حوافر الماعز وتدر موسيقى تنهل من رحم الطبيعة إذا ما تمايل الخصر واهتز وهي ملفوفة حوله.
دعوة استيتيقية للانغماس في عمق الشعور وإعادة التفكير في علاقة الإنسان بالحياة، رواية مختلفة يخطها الجسد وفق شكل هندسي هو عبارة عن مربع سحري يتجول سفيان ويسي بين خاناته ويدور حول الأثير ووتعالى روحه فترفرف أجنحة الحمائم في استقبالها.
كل الحواس تتجند وهي تقتفي أثر الطيور وتصغي إلى إيقاع أجساد أخرى غير جسد الإنسان حيث لا ولي ولا سيد غير الحرية التي تتجلى في حفيف الأجنحة وفي خفقان القلوب التي تغدو شفافة في ذروة التجلي.
وحينما توغل في ثنايا الأجساد التواقة إلى الحرية تغدو الحركات قصائد وتتحول الأنفاس إلى بوح يبحث عن مستقر وتتخفف الروح من أدران الواقع وتسمو على وقع حفيف أجنحة “شمس” و “تبريز” ورفاقهما في السقف وتتخذ الحياة معنى جديدا أوجده الالتزام بين الطير والإنسان.