انتظمت صباح اليوم الجمعة 9 ماي بفضاء دار الشرع بالمدينة العتيقة بسوسة ندوة صحفية تم خلالها تسليط الضوء على العرض الموسيقي الضخم “حليميات en symphonie” الذي سيؤمنه الاوركستر السمفوني للمعهد العمومي بسوسة بقيادة المايسترو محمد الرواتبي.
قالت سميرة جراي، المسؤولة عن شركة تنظيم التظاهرات SAM EVENTS في افتتاح هذه الندوة الصحفية الملتئمة بفضاء ذي طابع معماري تقليدي وجميل يتماشى مع طبيعة العرض الموسيقي محور هذه الندوة أن الهدف من تنظيم هذه الحفل الفني الذي سيخصص جزء من مداخيله لتهيئة احدى المدارس الاعدادية بالقلعة الصغرى هو”تقديم محتوى فني راق يعيدنا الى الزمن الجميل ويضفي حركية على المشهد الثقافي في الجهة”.
رؤية ابداعية جديدة
في تقديمه لـ “حليميات en symphonie” الذي سيتم تقديمه يوم الأحد 11 ماي انطلاقا من الثامنة ليلا بالمسرح البلدي بسوسة قال أستاذ الموسيقى وموزع هذا العمل، محمد الرواتبي، إن هذا العرض يتضمن مختارات من أغاني العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ “تم توزيعها بطريقة اوركسترالية وسمفونية وسيتم تقديمها حسب رؤية ابداعية جديدة ومختلفة عن السائد”. وسيتضمن هذا العرض ما يناهز العشر أغاني من بينها “حاجة غريبة” و”جبار” وغيرها من الأغاني القابلة للتوزيع بطريقة تتماشى وطبيعة هذا العرض الكلاسيكي الذي سيمتد على قرابة الساعتين من الزمن تقريبا.
ولعلّ من الوصفات التي تم اعدادها لإنجاح هذا العرض الذي لم يلق الحظوة اللازمة من إدارة الإشراف ولا من المستشهرين بحسب منظميه، رغم قيمته الفنية التي لا يرتقي لها الشك، هو التعويل على أصوات الفنانين نبيل حليفة ووصال حشلاف ورؤوف عبد المجيد. وهي أصوات ما فتئت تثبت علوّ كعبها وندرة خامتها الصوتية وقدرتها الفائقة في آداء مثل هذا النمط الموسيقي وهو ما تطلب بحسب محمد الرواتبي ساعات طويلة من العمل والتدريب حتى يتم تقديم عرض يليق بهذه الأسماء وبمستواها الفني الراقي.
من جهته كشف الفنان نبيل خليفة خلال هذا اللقاء الصحفي أن هذا الحفل سيشهد تقديم بعض الثنائيات من ذلك “تعالى أقلك” بصوت وصال حشلاف ونبيل خليفة أو “حاجة غريبة” بصوت كل من وصال حشلاف ورؤوف عبد المجيد هذا فضلا عن الأغنية الملحمية “وطني الأكبر” التي سيتم تقديمها بشكل ثلاثي.
وعن فكرة هذا العرض قال أستاذ الموسيقى ومدير هذا العرض الناصر العفريت أن هذا المشروع انطلق منذ ما يناهز الثلاث سنوات وقد ارتأى منظموه اعادة احيائه من جديد وإعطائه أكثر أهمية, وسيؤمن هذا العرض قرابة 50 عازفا بين محترفين وطلبة من المعهد الجهوي للموسيقى بسوسة. وستمتزج العديد من آلات عزف الموسيقى العربية كالناي والقانون والناي وغيرها مع آلات مخصصة للموسيقى السمفونية كالنفخ والوتريات لتقدم عرضا “فريدا من نوعه” هذا فضلا عن مجموعة غنائية تم انتقاؤها بشكل دقيق لضمان نجاح هذا العمل الذي يحمل بصمة الفنان “محمد الرواتبي”.
وفي هذا السياق اعتبر محمد الرواتبي أن “الكتابة الاوركسترالية تتطلب مجهودا كبيرا وخبرة عالية واختيارات دقيقة تنبني أساسا على أفكار وأحلام وذوق فني وكذلك تطبيق وبصفة دقيقة للعديد من القواعد الموسيقية مما يجعل الكتابة الموسيقية من أصعب المهن”.
نداء الى القائمين على الشأن الثقافي بالجهة
لا يخلو لقاء إعلامي يخصص لتقديم أحد العروض أو التظاهرات الفنية من حديث عن الصعوبات المادية التي يواجهها منظمو هذه التظاهرات خصوصا، وعلى حد قولهم، في ما يتعلّق بالدعم من قبل هياكل الإشراف. وفي هذا السياق استنكرت سميرة جراي غياب مثل هذه العروض الجادة عن المهرجانات سواء على مستوى وطني أو جهوي مؤكدة أنه “للسنة الثالثة على التوالي وبالرغم من المجهودات الكبيرة التي يتم بذلها من أجل إقناع المشرفين على إدراج عرض حليميات وعروض للفنان نبيل خليفة ضمن أحد المهرجانات غير أن الملفات التي تم اعدادها يقع قبرها داخل أدراج المكاتب”. وأضافت سميرة جراي أنه “وللأسف في الوقت الذي يتم فيه الاحتفال بنجاحات صناع المحتوى واستقبالهم بطريقة احتفالية يتم تجاهل فنانين مثل نبيل خليفة الذي حاز جوائز عديدة خارج أرض الوطن وفرض نفسه كصوت فني موهوب”. كما اعتبرت المسؤولة عن شركة تنظيم التظاهرات SAM EVENTS أنه “من غير المقبول أن يتم برمجة بعض الأسماء وبصفة آلية سنويا في المهرجانات رغم قلة انتاجاتها الشخصية في حين يتم حرمان الفنان نبيل خليفة من مثل هذه الفرص والحال أنه من بين أكثر الفنانين انتاجا لأعمال شخصية سنويا”. كما عزت سميرة جراي عدم قبول هذه الملفات الى تعلل المسؤولين بمجاراة رغبة الجمهورالذي يقبل اليوم على ألوان فنية أخرى وهو ما حدا بها الى دعوة مندوبية الشؤون الثقافية إلى “فرض هذه الملفات” على إدارات المهرجانات ودعمها من أجل المحافظة على رفعة الذوق العام وحماية المشهد الثقافي من الرداءة والابتذال.
من جانبه وجه محمد الرواتبي سهام نقده الى القائمين على الشأن الثقافي في الجهة معتبرا أنهم يتبنون “توجها تجاريا” ذلك أن أكبر همّهم بالنسبة لبرمجة أي عرض موسيقي هو مردوديته المادية. ولعل الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة للفرق السمفونية حيث أن العدد الكبير الذي تتضمنه مثل هذه الفرق تمثل عائقا أمام الدعم الموجه لها باعتبار ارتفاع كلفتها وهو ما يجعل عملية التفاوض حول مبلغ الدعم عسيرة وغير ذات جدوى أحيانا رغم الكم الهائل من التنازلات التي يتم تقديمها بحسب الرواتبي. كما يرى الرواتبي أن مندوبية الثقافة تبحث دائما على “أسماء مشهورة” لبرمجتها مشيرا في السياق نفسه إلى غياب الفنانين المقيمين بالجهة وعدم برمجة عروض فنية لهم في حين أن العديد من المهرجانات التي تقام بسوسة تشهد سنويا تكرار للعروض نفسها وهي عروض معظمها من خارج الجهة.