هي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، وقيّمة لعديد المعارض وداعمة للفنون ليس في الشارقة والإمارات العربية المتحدة فحسب بل أيضا على المستوى الإقليمي والدولي أيضاً.
شغوفة بدعم التجريب والابتكار في الفنون، ومولعة بالبحث عن المشاريع المختلفة والمغايرة عبر مؤسستها التي تقدم معارض جوالة وبرامج إقامات في الفنون البصرية والسينمائية والموسيقية والأدائية وتتيح منح الإنتاج للفنانين الناشئين، وبحوث العمارة والترميم.
هي حور القاسمي التي شاركت في الدورة التاسعة لمهرجان دريم سيتي مديرة فنية إلى جانب كل من سلمى وسفيان ويسي وجان غوسينز وداعمة لعدد من المشاريع الفنية ومشرفة على قسم “دريم بروجكتز” الذي تحتضنه قشلة العطارين.
وللحديث عن بداياتها في عالم الفنون وعن مؤسسة الشارقة للفنون اختيارها للمشاريع وعن فلسفتها في التعاطي مع الأماكن وعن مشاركتها في دريم سيتي ودعمها لعدد من المشاريع التقت رياليتي أون لاين حور القاسمي وكان الحوار التالي:
كيف وجدت حور القاسمي طريقها إلى عالم الفنون؟
أنا طبعا نشأت في الشارقة حيث الفنون وبينالي الشارقة.. وكنت أفكر في المجال الذي سأتخصص به.. لم يكن اختصاص والدي (حاكم الشارقة) في الهندسة الزراعية سهلا بالنسبة لي.. ومن بعدها دخل مجال التاريخ وترميم المباني التقليدية وكنت أراقب الأمر.. وفي لحظة الاختيار استقر قراري على الهندسة المعمارية.
أثناء الدراسة كنت أنغمس في الرسم أو أعزف بيانو حتى استقر قراري على دراسة الفنون التي لم تكن منتشرة حينها ودرستها في لندن في الأكاديمية الملكية حيث تعرفت هناك على فنانين من أجيال سابقة.
وفي سنة 2002 زرت “دوكيمانتا” في برلين وهو معرض يتكلم عن جنوب إفريقيا وفلسطين وكل سياسات العالم وكنت محظوظة بمواكبته.. منذ تلك اللحظة شرعت في التساؤل عن فلسفة بينالي الشارقة حتى تمكنت من تغيير أشياء مثيرة في علاقة بالأهداف والتنظيم ورجحت كفة الفني والثقافي..
تدعمين دائما المشاريع المختلفة، هل تبحثين عنها أم تعترضك صدفة؟
أبحث عن بعض المشاريع وتعترضني أخرى صدفة.. مهم جدا أن تكون الفنون والمعارض على علاقة مع الشعب والمدينة فأنا لا أحب أن أعمل على المعارض دون هدف وخارج سياقاتها.. فمثلا عندما شاركت السنة الماضية في دريم سيتي وزرت تربة سيدي بوخريسان التي دارت فيها محاضرة لاحظت أن الجميع يدير ظهره لشجرة الزيتون.. بالنسبة لي حينها شجرة الزيتون وشجرة التين من أهم العناصر في المكان وهو ما جعلني أطلب استثمار المكان ليكون متحفا لعرض “جمعة الزيتون” للفنان الفلسطيني خليل رباح الذي يعمل على رمزية الزيتون في فلسطين الأمر الذي يلتقي مع أهميته في تونس أيضا.
التمر أيضا كان عنصرا طبيعيا وثقافيا جامعا بين تونس والعراق ومن ذلك وجد عمل مايكل راكويتز في برمجة الدورة التاسعة لدريم سيتي وفيه يتحدث عن أهله الذين غادروا العراق.
في الفن ليس هناك حدود أو قيود. نحن نتحدث عن كل المواضيع والمكان مفتوح للكل والأهم أن تصل هذه الأعمال إلى كل الناس ودريم سيتي يقوم بهذا الأمر.
أنا محظوظة لأن الحياة أتاحت لي فرصا للتعرف على أماكن تجمع الفنانين في كل العالم ومن بين هذه الأماكن قشلة العطارين التي حينما رأيتها للمرة الأولى أسرتني وفكرت في أن تكون فضاء ثقافيا واجتماعيا يتيح لزواره فرصة للسفر بين التاريخ والثقافة والفن واستكشاف قصص مختلفة.
حور القاسمي منفتحة على كل القصص وكل الأماكن وتفكر في الإنسان حيثما كان، من أين تستمدين هذا الانفتاح؟
أنا لا أؤمن بالتخصص المكاني في الفن وعملت على مشاريع مع فنانين من السكان الأصليين لاستراليا في صحراء استراليا وفنانين من نيوزيلاندا والبرازيل إندونيسيا وإثيوبيا وكوبا وهواي وغواتيمالا وكوستاريكا.. عملت مع فنانين من كل العالم وتعلمت أشياء جديدة على اعتبار أنني لا أتعاون مع أي فنان دون أن أعرف ثقافته وموطنه وطريقة العيش فيه وعاداته..
أنا لا أزور البلدان سياحة بل بحثا عن قصص عميقة وسعيا لرؤية الأماكن في عمقها واستطلاع تفاصيلها وعلاقتها بالمجتمع وهذا عملي الذي أحب والذي مكنني من نيل ثقة كل الذين عملت معهم.
ماذا كسبت حور القاسمي من الاستثمار في الثقافة؟
كما قلتُ سابقا أنا محظوظة بعملي فلقد اشتغلتُ مع فنانين معروفين على الصعيد العالمي على غرار يوسو ندور وعبد الله ابراهيم والراحلة ديمي منت آبا.. ولي أصدقاء في كل العالم.. أنا مثل أبي، كلانا لا نحب الربح المادي ونريد أن نستثمر في الإنسان وأن نكون جزءا من الثورة الثقافية.
هذه الفلسفة تتجلى في مؤسسة الشارقة للفنون التي تتبنى الفنانين في خطواتهم الأولى؟
لكل جيل خصوصياته والتغيير ينطلق من الفرد ومن هذا المنطلق تقوم مشاريع المؤسسة والأشياء التي تربيت عليها في العائلة تظهر في اهتماماتي، من ذلك التاريخ والتراث والزراعة والاهتمام بالحيوانات.
هل يمكن أن تهتم مؤسسة الشارقة للفنون بأماكن أخرى في تونس خارج فضاءات مهرجان دريم سيتي؟
أنا منفتحة على المشاريع وإذا طلبت مني المساعدة لن أتردد.. وعملي يلتقي مع دريم سيتي إذ يهتم بالفنون والمعارض وإعادة إحياء التراث بطريقة تحقق الإضافة والإفادة في علاقة بالمكان والناس.
*الصورة من موقع مؤسسة الشارقة للفنون تصوير سيباستيان بويتشر