دورة أخرى من مهرجان دريم سيتي “Dream City” الذي تنظمه جمعية الشارع فن، تأتي لتشرّع أبواب الحلم وتخلق له سبلا مختلفة تؤدي إلى حقيقة مطعمة بالخيال.
الدورة التاسعة من المهرجان المختلف في فلسفته وطرحه تأتي لتتفتح معها براعم أحلام المهتمين بالمعالم التراثية والثقافية وتتشكل ملامح مشاريع فنية تختلف تفاصيلها وتلتقي عند الخلق والإبداع.
كوريغرافيا تستلهم من رقصة “العلاوية” في المغرب والجزائر، وأخرى تدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، و”جمعة زيتون” تمتد من تونس إلى فلسطين، وكتب وخرائط تحمل في تفاصيلها رائحة الماضي.
مشاريع فنية يواصل فيها المهرجان مد الجسور بين الماضي والحاضر وبين التراث والحداثة وبين الجنسيات والفنون المختلفة وتحرير الأحلام والأفكار لتتحول إلى مشاريع ذات جمالية وعمق.
وتماشيا مع تصوراته التي تحاول في كل مرة أن تقطع مع السائد والمألوف وتخلق في كل مرة سبلا جديدة يلتقي فيها المعمار والتراث والفن والثقافة كانت الندوة الصحفية الخاصة بالإعلان عن برمجة المهرجان عبارة عن جولة بين أربع إقامات فنية في أربعة أماكن مختلفة بمدينة تونس هي مقر التجمع الدستوري الديمقراطي سابقا و”تربة سيدي بوخريسان” و”الناصرية” وقشلة العطارين.
وستفضي الإقامات الفنية إلى مشاريع تختلف موضوعاتها وخلفياتها وأهدافها، مشاريع سيواكبها جمهور دريم سيتي على امتداد البرمجة في الأماكن التي شهدت تشكل ملامحها الأولى وفي ساحات مدينة تونس كما جرت العادة.
وتشمل برمجة المهرجان في هذه الدورة 11 عملا إبداعيا من إنتاج جمعية الشارع فن و7 جلسات حوارية و6 لقاءات مع فنانين من تونس وخارجها و9 عروض ضمن قسم “خربقة سيتي” الموجهة للأطفال و19 عرضا ضمن “دريم بروجكت” و”ماستر كلاس” و21 عرضا ضمن “سهرة شيفت ليلي”.
وفي رحلة اكتشاف الإقامات الفنية الأربع، كانت البداية مع مشروع “غوال إن سيتو” للفنان فليبي لورانسو” الذي يستلهم تفاصيله من الرقصة “العلاوية” الموجودة في المغرب والجزائر والتي تضم 10 راقصين من بينهم 7 تونسيون و3 راقصين من فرنسا وتركيا وكولومبيا.
وعلى الركح التحمت أجساد الراقصين ذوي الخلفيات المتنوعة لتترجم الرؤية الفنية للكوريغراف فيليبي لورانسو الذي أضفى على الرقصة الرجالية مسحة أنثوية من خلال حضور راقصات.
ولم يعد الكوريغراف استنساخ الرقصة بل استلهم منها خطوطها العريضة ليخلق كوريغرافيا مجردة تقوم على العلاقة بين الصوت والخطوة والخشبة والموسيقى.
في مرحلة انتقالية من العمل تفصل بين نهاية تشكل ملامح العمل وبين ولادته الأولى أمام جمهور من الصحفيين، تحرك الراقصون والراقصات في حركات دائرية تستحضر الرقصات العلوية في لوحة عقبتها لوحة ثانية تعالت فيها أصوات تناغمت مع حركات الأجساد صعودا ونزولا لتتراءى معها صرخات النصر.
وبعد “دار الحزب” كانت الوجهة نحو تربة سيدي بوخريسان حيث شجرة الزيتون حيث سيرى مشروع “جمعة الزيتون” لخليل رباح النور وهو مشروع يرتكز على شجرة الزيتون، هذه الشجرة التي تجمع بين تونس وفلسطين وتتعدى كونها عنصرا طبيعيا لتكون محملا اجتماعيا وثقافيا.
وهذا المشروع تدعمه مؤسسة الشارقة للفنون لباعثته حور القاسمي ويهدف إلى رسم وجه جديد لتربة سيدي بوخريسان انطلاقا من شجرة الزيتون وجمالية المكان الذي يتيح إمكانية إحيائه مع الإحالة إلى عناصر ثقافية واقتصادية واجتماعية وسياسة.
وفي الناصرية، ظهرت بعض من ملامح مشروع “لاينز” للكوريغراف أندرو غراهام الذي يؤمن باستعمال الرقص لكل الأجساد وكل الفئات ويشرك ذوي الإعاقة في هذا العمل الفني الذي يقوم على إدماج ومواءمة طاقتهم مع اللوحات الكوريغرافية.
أطفال يحملون إعاقات مختلفة لكنها لم تكن حائلا دون نفاذهم إلى الرقص كفن احتواهم فكأنما هو جزء من كوريغرافيا تجمع هواة ومحترمين وتخلق سبلا أخرى لدمج الأقليات عبر الفن في عمل يجمع الرقص والموسيقى والشعر والمسرح.
اما قشلة العطارين فكانت خاتمة الجولة على اعتبار أنها أصبحت قلب المهرجان لرمزيتها ولأهميتها في برمجة دريم سيتي وفيها تجسدت الشراكة بين الشارع فن والمؤسسات العمومية في ترميم المعالم التراثية وتثمينه.
وفي حلتها الجديدة ستحضن قشلة العطارين 11 عرضا في إطار قسم “دريم بروجكتز” بالتعاون مع حور القاسمي باعثة مؤسسة الشارقة للفنون والمديرة الفنية لدريم سيتي وسط إعادة تهيئة ورسكلة لما تبقى من أثر المكتبة الوطنية التي كان يؤويها المكان.
وقد أشرف الفنان والسينوغراف وديع المهيري على تهيئة المكان وإعادة نصب الرفوف وتنظيم الكتب المتوفرة حسب المواضيع وترصيف المجلات والخرائط كما تم أيضا رسكلة علب الأرشيف وتحويلها إلى مقاعد يستغلها الزائرون.