سجلت تونس مؤخرا دخول مجموعات صغيرة من الجراد الصحراوي إلى الجنوب التونسي بما في ذلك قبلي وبن قردان والذهيبة وهو ما يعني رصد هذه الآفة في 3 ولايات هي مدنين وتطاوين وقبلي.
وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري قد أكدت رصد أعداد من الجراد بمنطقة الذّهيبة بولاية تطاوين متأتية بعد هبوب الرياح الجنوبية، كما أشارت إلى انتشار الجراد في بعض بلدان السّاحل الافريقي وشمال افريقيا وخاصة ليبيا التي تشهد حاليا “طفرة” للآفة وذلك بعد توفر الظروف الملائمة لتكاثره (تهاطل الأمطار وتوفر غطاء نباتي أخضر).
وإثر معاينات الفريق الفنّي الذي تحول على عين المكان، تبين أن مجموعات الجراد ليست في شكل أسراب، وأنّها في الوقت الحالي لا تشكّل خطرا على الغطاء النّباتي بالجهة.
فيما تواصل الفرق الفنّية القيام بعمليّة مسح شاملة وكاملة لكل المنطقة لرصد تحرّكات الجراد، تمّ تجنيد كل المتدخّلين على المستوى المركزي والجهوي للبقاء في حالة يقظة وتكثيف حملة المداواة ضد الآفة.
كما تم إرسال المعدّات وآلات الرش والمبيدات اللاّزمة لمكافحة الأعداد التّي دخلت التّراب التّونسي.
الوضع تحت السيطرة
وفي إطار الاستعداد المسبق، انعقدت يوم الأربعاء 12 مارس 2025، اللّجنة الوطنيّة لليقظة ومكافحة الجراد بحضور ممثّلي الوزارات والهياكل المعنيّة، برئاسة وزير الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري عز الدّين بن الشّيخ.
وقد خصّصت لدراسة السيناريوهات المحتملة طبقا للمخطط الوطني العاجل لمكافحة الجراد ووضع التّدابير اللاّزمة لمكافحته، وقد تم الاتفاق على تفعيل اللّجان الجهويّة للجراد بولايات الصف الأول للمواجهة (تطاوين ومدنين وقابس وتوزر وقبلي وقفصة) تحت إشراف الولاة.
وتم، أيضا، الاتفاق على تكوين جبهة الصّد الأولى للتّقييم في المناطق الحدوديّة خاصّة بالجنوب التّونسي، وتكوين مخزون من المبيدات تحسبا لأي طارئ، كما تبقى اللّجنة الوطنيّة لمقاومة الجراد في حالة انعقاد دائم.
يشار إلى أن أسرابا صغيرة الحجم من الجراد الصحراوي قد تكونت حاليا بليبيا وتقوم المصالح المختصّة بالوزارة بمتابعة الموضوع بشكل دوري ومتواصل، وبنسق حثيث منذ أكتوبر 2024، وذلك بالتّعاون مع شبكة من الإخصائيين الدّوليين ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزّراعة وهيئة مكافحة الجراد الصحراوي بالمنطقة الغربية.
وأفادت وزارة الفلاحة بأنه جاري التنسيق مع دول الجوار لتعزيز التعاون وتظافر الجهود للحد من هذه الآفة، كما تطمئن المصالح المختصة بالوزارة جميع المواطنين وخاصة الفلاحين بأن الوضع تحت السيطرة وأن عمليات الرصد والمتابعة واليقظة مستمرة.
من جهته أفاد رئيس الإتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بتطاوين، عبدالعزيز الحرابي، اليوم الإثنين، بأنّ “الوضع مطمئن بخصوص وصول أسراب من الجراد الصحراوي إلى الجنوب التونسي”.
وأشار الحرابي، خلال مداخلة هاتفية في برنامج “صباح الورد” على جوهرة أف أم، إلى أن “عمليّة المداواة انطلقت منذ 5 أيام وتُعتبر ناجحة”.
وبين أنّ “الجراد الذي دخل عبر القطر الليبي، لم يصل إلى المناطق المخصصة للزراعات الكبرى بل يوجد حاليًّا في الذهيبة ويجري تطويقه، في حين توجد مجموعات من الجراد بأعداد ضعيفة في قبلي وبنقردان”، لافتًا إلى أنّ “هذه الآفة معروفة وقد شهدتها تونس عديد المرات من قبل”.
وأكد أن “الجهات الليبية والجزائرية لم تقم بعمليّة مداواة من جهتهم”، مشيرًا إلى أنّ “وزارة الفلاحة قامت بعملية استباقية وتمّ التنسيق مع القطريْن الليبي والجزائري من أجل السيطرة على الوضع”.
انطلاق عملية المداوة
تولت خلال اللّيلة الفاصلة بين 12و13 مارس 2025، المصالح الجهويّة المختصّة التّابعة لوزارة الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري بولاية تطاوين ومنذ دخول بعض الجراد الصّحراوي (ليس في شكل أسراب) لمنطقة الذّهيبة من ليبيا، القيام بالمداواة الأرضيّة للرقعة المتواجد بها الآفة.
وقد تمت معاضدة جهود الفريق الفني بتطاوين بفرق ميدانية خلال الليلة الفاصلة بين 14و 15 مارس الجاري (بآلات رش محمولة على الشاحنة واعوان وشاحنات بصهاريج مياه) من المندوبية الجوية للتنمية الفلاحية بكل من سيدي بوزيد وقابس. هذا ولا تزال عملية المداواة متواصلة.
يذكر أن المصالح المركزية المختصة بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري تنظّم بالتّعاون مع هيئة مكافحة الجراد الصحراوي من 13 إلى 21 مارس الجاري، دورة تكوينيّة يؤمّنها خبير من الهيئة.
وتتعلق الدورة بتقنيات رش المبيدات لمكافحة الجراد الصّحراوي وتتخلّلها حصص تطبيقيّة تعنى بتشغيل آلات الرش التّي تمّ اقنناءها منذ آخر غزو الجراد للبلاد النونسيّة.
ويشارك في هذه الدّورة فنّيو الادارة العامّة للصّحة النّباتيّة ومراقبة المدخلات الفلاحيّة وجهات الخط الأول للمواجهة (تطاوين ومدنين وقابس وتوزر وقبلي ومدنين).
وتدخّلت، فجر الأحد، مصالح المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بمدنين، في محيط محمية سيدي التوي بمعتمدية بن قردان على مساحة 4 هك للقضاء على الجراد باعتماد جرارين اثنين وأربعة سيارات وكمية من المبيدات، وفق المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بمدنين عمار الجامعي.
وأوضح المندوب، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن التدخل لم يشمل داخل المحمية للمحافظة على الحياة البرية بها رغم رصد أعداد من الجراد داخلها مؤكدا مواصلة متابعة تحرك الجراد باستمرار وخاصة الموجود حاليا ببوابة حواش على بعد 50 كلم من معتمدية بن قردان.
يقظة وتقص وإجراءات استباقية
تقرّر خلال جلسة التأمت الجمعة الماضي بمقر ولاية قفصة، إحداث خلية أزمة جهوية للتوقي من الجراد الصحراوي ومتابعة تحركاته بالبلدان المجاورة، وفق ما أفاد به المكلف بتسيير المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالجهة منجي عافي.
وأضاف عافي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن هذه الخلية تضمّ عددا من ممثلي الإدارات والمعتمديات والبلديات والمصالح الأمنية، إضافة إلى خلايا أخرى محلية يرأسها المعتمدون، مشيرا إلى أنه تم تزويد معتمديات أم العرائس وسيدي بوبكر والمتلوي والرديف الحدودية بـ200 لتر من الأدوية والمبيدات لمجابهة هذه الآفة في حال وصولها.
وتواصل مصالح المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية، بالتعاون مع السلط الجهوية والمحلية وقوات الامن والجيش الوطنيين، عمليات الرصد اليومي لتحركات الجراد خاصة بالمناطق الغربية الجنوبية للولاية المحاذية للقطر الجزائري بمعتمدية رجيم معتوق وبمختلف المناطق الصحراوية، التي يحتمل تواجد هذه الافة بها، وفق ما أكده رئيس دائرة الانتاج النباتي بالمندوبية محمد بن عبد اللطيف لوكالة تونس إفريقيا للأنباء.
وأوضح بن عبد اللطيف أن أعوان المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية وخاصة حراس الغابات، يقومون بعملية التقصي اليومي لتحركات الجراد بالتعاون مع الرعاة بالمناطق الحدودية والسكان المتواجدين بالصحراء، وأكد أن الوضعية إلى حد الآن تعتبر “مطمئنة” رغم تسجيل تواجد للجراد في شكل انعزالي وباعداد متفرقة لا تمثل خطورة.
كما أكد تواصل المراقبة اليومية خاصة وأن أعداد الجراد في طور التكاثر، مشيرا إلى أنه تم بالتنسيق مع المصالح المركزية لوزارة الفلاحة والسلط الجهوية، التحضير اللوجستي للتصدي لهذه الافة عبر توفير الجرارات والسيارات رباعية الدفع، إلى جانب الات الرش والمبيدات مع تجند الأعوان للتدخل الوقائي في صورة ما اقتضى الأمر ذلك.
وأشار إلى خطورة آفة الجراد عموما على القطاع الواحي، وهو ما يتطلب تظافر جهود المراقبة، والتي هي محل متابعة على المستويين المركزي والجهوي، من أجل التصدي لها في صورة تكاثرها، داعيا المواطنين وخاصة بالصحراء إلى السرعة في إيصال المعلومة لمصالح المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية عند التفطن إلى تواجد الجراد ببعض الأماكن.