“سينما تدور”، مشروع جديد يرى النور إثر سعي لتلافي غياب الفضاءات الثقافية في بعض المناطق الداخلية في تونس ولكسر الصورة النمطية للسينما الثابتة.
هذا المشروع عبارة عن شاحنة سينمائية متنقلة تتضمن 100 مقعد، ستزور مختلف جهات الجمهورية بهدف نشر ثقافة السينما وتقريبها من كل التونسيين.
وبزغت فكرة المشروع من حرمان بعض المواطنين من فضاءات ثقافية يصافحون فيها السينما لتكون الشاحنة بديلا مبتكرا لعرض أفلام في القرى والمناطق الصغيرة التي تفتقر إلى قاعات سينما.
وقاعة السينما الأولى المتجولة في تونس تقترح مجموعة متنوعة من الفعاليات الموجهة إلى جميع فئات المجتمع، بدءًا من عروض الأفلام التونسية والعالمية، وصولا إلى النقاشات وورش العمل الموجهة إلى الشباب والأطفال.
والمشروع يهدف أيضا إلى تنظيم فعاليات فنية متنوعة، على غرار الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية، إضافة إلى حملات الاتصال والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية الأخرى.
وقد اختار القائمون عليه الممثل والمخرج التونسي ظافر العابدين عرابا للمبادرة وداعما لها، إذ من المنتظر أن يلقي الضوء على فعاليات الشاحنة وما تستعرضه من ثقافة فرجوية على عموم التونسيين.
وفي هذا السياق أعرب ظافر العابدين عن سعادته بهذا التكليف وفخره بأن يكون المتحدث باسم المشروع، مشيرا إلى سعيه إلى نشر الوعي، في ظل انتشار الظواهر السلبية في المجتمع التونسي كالعنف والتنمر في المدارس، والانقطاع المبكر عن التعليم، وما ” سينما تدور” إلا تحفيزا لنشر ثقافة الحياة والفن، وفق تصريحه للصحفيين التونسيين.
وفي افتتاح المشروع تم عرض الفيلم القصير “فراشة” للمخرج عصام بوقرة الذي تتجلى في كل تفاصيله مقولة ” أثر الفراشة لا يزول”، وهو عمل يقوم على سيناريو بسيط ولكنه بطرح معاني عميقة تدفعك إلى مساءلة نفسك عن خياراتك الفائتة والمؤجلة.
الفيلم يروي قصة “عمر” فتى عاش في القيروان ونجح في الباكالوريا وفرضت عليه الظروف الدراسة في كلية الآداب برڨادة لكنه لم يطبع مع هذا الواقع واختار أن يقتفي أثر حلم بزغ في خياله ويتبع صوت قلبه لينال مراده.
حكاية “عمر” متناغمة مع فكرة سينما تدور وتصل في قلب عشق الفن السابع الذي قاتل من أجل دراسته متحديا كل الظروف غير الملائمة بمساندة صديقيه في إعلاء لقيمة الصداقة وتجسيد لمعنى “الصديق وقت الضيق”.
مدة الفيلم تقريبا ربع ساعة تلخص مواقف تحتاج مجلدات لوصفها وانت تقلب بصرك بين المشاهد تلتق الرسالة تلو الرسالة وتبتسم لقدرة المخرج على تجميعها في هذا الحيز القصير على وقع صورة أخاذة وأداء مقنع من الممثلين.
بلال البريكي لا تشك ولو لوهلة أنه يمثل، والشاذلي العرفاوي بعفويته المعهودة وأدائه اللي يخطف منك الضحكة وغيرهم من الممثلين اللي كان الانسجام النقطة اللي تجمع بينهم..
وفي طريقه إلى حلمه يمر “عمر” (بلال البريكي) على سيل مواقف مضحكة تعري الوضع تراجيدي للفنان اللذي يواجه العادات والتقاليد والموروث الديني والعيب والحرام والنزعة التجارية اللي شوهت جمالية الفن..
في الفيلم القصير تشريح لوضع الفنان في تونس في دقائق ودعوة للتشبث بالحلم وبذل كل مجهود ليتحقق، تماما كما بذل القائمون على مشروع سينما تدور مجهودات لتصبح الفكرة حقيقة ملموسة.