بقلم : أحلام غزيّل *
ارتأينا في اختيار هذا الموضوع** تقديم مقاربة شاملة لتصور او تمثل المرأة في الامثال الشعبية التونسية كمحاولة لاستجلاء مواقف المجتمع من المرأة والكشف عن الديناميكيات السوسيو-ثقافية للمساهمة في تشكل هذه المواقف.
وبناء على ذلك قسمنا الموضوع الى قسمين : قسم اول يعرض الصور المختلفة للمرأة في الامثال الشعبية بين الايجابية والسلبية وبين النمطية التقليدية والحيوية الحداثية. ويسلط القسم الثاني الضوء على مسار تطور صورة المرأة في الامثال الشعبية. كما يقدم بعض التحديات التي تواجه مكانتها ودورها في المجتمع بين قهر السلطة الذكورية وبروزها كقطب جديد منافس له.
قبل الخوض في تناول القسم الاول لابد من الاشارة الى اهمية الامثال الشعبية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية والتراث الشفوي ومادة ثرية للبحث.
1/ الامثال الشعبية مرآة عاكسة للصور المختلفة للمرأة التونسية :
ان الدارس للامثال الشعبية يلاحظ تجليات الحضور الانثوي في شتى صوره. وفي الحقيقة يمكن تناول هذا الجانب من زاويتين : زاوية اولى ترصد صور المرأة في بعدها العام وعادة ما تتخذ هذه الصور ثنائية الايجابي والسلبي. فبالنسبة للصورة الايجابية تظهر بعض الامثال المرأة كرمز للحكمة والحنكة مثلا ” الدبارة دبارتها والشورة شورتها ” مما يعكس الدور البارز للمراة في اخذ القرارات. اما الصور السلبية فنجدها تتعلق اساسا بهجاء بعض صفات المرأة مثال كيد النساء وزاوية ثانية تقدم صور مخصوصة للمرأة سواء كانت (صبية –زوجة – ام – عمة –خالة…) او ( متزوجة او ارملة = هجالة…). ويمكن تتبع هذه الصور من خلال :
– ادوار المرأة
* الدور الريادي: “صبرها مفتاح بيتها “، “البيت بلا مرا كالجمل بلا سنام ” وتشير الى الأهمية التي تحظى بها المراة في ادارة الاسرة.
* الدور النمطي التقليدي : “صنعة المغبونة ’ الرحى والطابونة ” حيث يمكن ان نستجلي من هذا المثل اقتصار دور المرأة على شؤون البيت.
“سعد من عنده اميمة حية (امه على قيد الحياة ) مرتاح ديمة وحاجته مقضية.
أما الشروط التي يجب ان تتوفر في المرأة فتتمثل في :
* النسب الشريف : “خوذ المرا واسال على باباها كيف اصلها راهو يجيك ضناها – خوذ المرا وانشد على اميمتها ايدور الزمان وتجيب من صنعتها “، “خوذ بنات الاصول لعله الزمان يطول”، “للي تربات على يدين الرجال ما يغرها لا زين لا مال “.
* الصفات الجسدية او الخلقية :
نجد مثلا شعبيا يجمع بين الصفات الجسدية والصفات العقلية للمرأة يقول “زين الطفلة في البياض والرياض (الرصانة ) والفخاذ العراض “(الخصوبة) المراوحة التي يقصد بها تحقيق التوازن. ويقولو للصبية (عزباء / ويمكن ان تتخذ معنى المرأة العذراء ) “ان الله السعد خير من السلعة “.
تكشف هذه الأمثال تمثل جسد المرأة وتحمل في طياتها القيم الاجتماعية والثقافية للمجتمع التونسي. يقوم نظام الزواج على توفر صفتي العذرية :=المرأة العذراء والخصوبة يقول المثل ” حكم العازب على الهجالة ارجع صبية تو ناخذك “.
ونلاحظ ان جل الأمثال الشعبية تقريبا متمحورة حول المرأة المقبلة على الزواج او الزوجة ونؤكد هنا على اهمية الزوجة في بناء اسرة متوازنة ينبني عليها مجتمع باسره. كما نشير إلى أهمية هذه المعايير الى حد الان التي لاتزال فعالة في اختبار الزوجة وهذا يدل على الدور الهام الذي تلعبه الأمثال الشعبية في إنتاج السلوك الاجتماعي وتوجيهه.
– صورة العمة والخالة
يقول لمثل “الخالة من نخالة والعمة من دقيق واللي ما عندوشي عمة ما عندوش صديق”. ويعكس هذا المثل مكانة الخالة في مجتمع ذكوري تبجل فيه العمة ويمكن ان نضيف هنا بنت العم (شجرة القرابة من الاب) التي نجدها حاضرة في مثلين على الاقل “الثنية لو طالت وبنت العم ولو بارت ” / بنت العم اضرب ورد للتركينة “.
2-تطور صورة المرأة في الأمثال الشعبية :
عكست مختلف الأمثال التي تم ذكرها تأرجح صورة المرأة بين الدور السلبي النمطي والدور الريادي وحري بنا ان نتوقف هنا على العوامل المساهمة في تعزيز دور المرأة في المجتمع التونسي.
– يمكن ان نرجع هذا التطور إلى الحراك السوسيو – ثقافي (تعليم المرأة / مكاسب التشريعات بعد إصدار مجلة الأحوال الشخصية / خروج المرأة للعمل / تأثير الحركة النسوية (النخب..) والانتقال شيئا فشيئا من مجتمع ابوي ذكوري الى مجتمع امومي انثوي ان صح القول. ثم ان الأمر لا يتوقف عند هذا الحد اذ يمكن ان نتحدث عن تشكيل جديد للمجتمع من مجتمع أحادي القطب (ابوي) الى مجتمع ثنائي القطب (ابوي- امومي) لكن الاشكال الذي يطرح هنا هو تحديد التاريخ الدقيق لهذه التحولات خاصة واننا امام صيرورة تاريخية معقدة (التقدم المتواصل +التحول ).
علاوة على هذه الحيوية التي تتسم بها المرأة التونسية، تبقى علاقة المرأة بالرجل تراهن على علاقة شراكة ومشاركة (التكامل ) علاقة من شانها ان تبني أسرة متوازنة ومجتمع سليم ومثلما يقول المثل “يد واحدة ما تصفقش”.
* باحثة ** محاضرة تم القاؤها خلال تظاهرة “الحضارة … امراة ” تم تنظيمها من طرف جمعية علوم وتراث بالقلعة الكبرى يوم 13 أوت وذلك احتفاء بالعيد الوطني للمرأة.