انطلقت صبيحة اليوم، اليوم الثاني من الدورة 45 للمهرجان الدولي للواحات بتوزر، فعاليات كرنفال الصجراء، وهو حدث ثقافي مميز يعكس التراث الفني والروحي للمنطقة. حيث تجمع الزوار والمشاركين في مسار ممتد من جامع عبيد إلى دار الثقافة أبو القاسم الشابي، مرورًا بأحياء المدينة العتيقة التي تزينها الأزقة الضيقة والمباني التقليدية.
الكرنفال هذا العام شهد مشاركة استثنائية لفرق فنية مبدعة، حيث أدّت فرق العيساوية الصوفية و البنقة و الدقة عروضًا تنقل الجمهور إلى عوالم من التصوف والفلكلور الشعبي التونسي.
تصاعدت أصوات الطبول والنفخات الموسيقية في أرجاء المدينة، بينما تمايلت الأجساد في تناغم مع الألحان الصوفية الرقيقة والمقامات الطربية التي طالت عنان السماء، لتجعل من الكرنفال عرضًا بديعًا من الفرح والتقاليد.
هذا الكرنفال ليس مجرد عرض فني، بل هو بمثابة احتفال بالهوية الثقافية لتوزر، المدينة التي طالما كانت نقطة التقاء بين الحضارات والأزمان، حيث تلتقي الأصوات والأنغام مع روح الواحات.
لقد كان الكرنفال أيضًا بمثابة عودة إلى جذور الموسيقى الصوفية وتذكيرًا بالطرق الروحية العريقة التي عرفتها المنطقة، من بينها الطريقة العيساوية، التي نشأت في مكناس بالمغرب الأقصى في بداية القرن السادس عشر على يد الشيخ محمد بن عيسى. تعد هذه الطريقة إحدى أبرز الطرق الصوفية التي تُعرف بأهازيجها الروحية العميقة التي ترفع الأرواح إلى سماء الوصل مع الذات الإلهية.
كما استحضر الاحتفال أيضًا طقوس “البنقة”، والدقة وهو نمط موسيقي تونسي من أعماق إفريقيا السمراء.
م.ح