في لحظةٍ كثيفة الدلالات أمام المسرح البلدي بالعاصمة تونس حيث دوت الشعارات المناصرة لفلسطين علا صوت حاخام من حركة ناطوري كارتا اليهودية ليدو إلى إنقاذ غزة وفلسطين.
وجه مغاير من التاريخ والدين والسياسة ظهر في استقبال قافلة الصمود لكسر الحصار على غزة التي ترزح تحت وطأة الاحتلال وماانفكت تعكس التصدعات الأخلاقية في العالم، ولكنها أيضا تولد الأمل من رحم المفارقة.
بعمامتيهما وذقنيهما الطويلتين، يتوشحان بالموفية وعلم فلسطين يحملان لافتات كتبت عليها كلمات ضد دولة الاحتلال لم يكن عضوا حركة ناطوري كارتا، اليهودية الأرثوذكسية، مجرد ضيوف عابرين بل حجة على باطل الكيان الصهيوني.
“ناطوري كارتا ” التي تعني بالآرامية “حارس المدينة”، حركة دينية يهودية مناهضة للصهيونية، ولا تعترف بدولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة وترى أن قيام دولة لليهود لا يكون بسلب شعب آخر أرضه.
كما تعتبر أن هذا الأمر لا يكون إلا بإذن من الله، وذلك بعد أن يرجع اليهود إلى تطبيق شريعتهم التي عاقبهم لمخالفتها، وشتتهم في الأمصار وبين شعوب الأرض بسبب تضييعها.
جنبا إلى جنب مع المشاركين في قافلة الصمود وكل من حل لاستقبالهم، وقف الحاخامان ورفع صوتيهما وأعلنا تضامنهما مع أهل غزة، لا من منطلق سياسي أو دعائي، بل من إيمانهم الديني الراسخ بأن “اليهود الحقيقيين لا يمكن أن يقبلوا باغتصاب أرض، ولا بقتل الأبرياء، ولا بتحويل الدين إلى سلاح إبادة جماعية”.
ناطوري كارتا التي ترى الصهيونية انحرافا عن تعاليم التوراة، والاحتلال لعنة دينية قبل أن يكون جريمة سياسية حضرت مع قافلة الصمود
ولم يكن حضور ناطوري كارتا مجرد موقف رمزي، بل صفعة في وجه سردية أحادية حاولت لعقود أن تخلط بين اليهودية والصهيونية، وتمنح الاحتلال غطاءً دينياً.
والمفارقة أن هؤلاء “الحاخامات الغاضبين” كانوا منسجمين في خطابهم مع أكثر المناصرين لفلسطين حماسة، رغم اختلاف الدين والخلفية والموقع الجغرافي.
الصورة للمصور الصحفي ياسين القايدي