ما انفكت خارطة المهرجانات في تونس تستدر الكثير من الجدل والنقاش خاصة في موسم ذروتها ؛ في الصيف حيث تتزامن المهرجانات الدولية والصيفية.
وفي كل سنة، تطفو النقاشات بخصوص استراتيجيات المهرجانات وخياراتها الفنية وميزانياتها وبرمجاتها لتتلاشى شيئا فشيئا مع نهاية الموسم.
فالحديث عن المهرجانات صار يحاكي الزوابع في الفناجين يعلو ويحتد بشكل موهوم قبل أن يذوي وسط غياب إرادة حقيقية في التفكير بجدية في خارطة أخرى للمهرجانات الصيفية بعيدا عن أي حسابات ضيقة.
وإذا ما حصرنا زمن المهرجانات في العقد الأخير فإننا سنلاحظ حتما اختفاء بعض المهرجانات وظهور مهرجانات أخرى وسط محاولات للبقاء والاستمرار في ظل ما يشهده الوضع من اهتزازات.
ولئن تختلف طبيعة المهرجانات حسب الاختصاصات والمناطق والجهات المنظمة إلا أن تشترك جميعا (مع بعض الاستثناءات) في غياب رؤية واضحة لعدة اعتبارات من بينها أسباب هيكلية و أخرى مالية وغيرها.
وفي السنوات الأخيرة شهدت تونس ظاهرة لابد من الوقوف عندها في علاقة ببعض المهرجانات الدولية التي يجب الوقوف عندها إذ اقتصرت على عروض تونسية وهو ما ينفي عنها هذه الصفة.
والحديث عن تنظيم المهرجانات وأعادة الاعتبار لبعضها لا يعني قطعا الحديث عن استراتيجيا مستنسخة أو برمجات موحدة أو أحادية بل يتعلق الأمر بدراسة خصوصية كل مهرجان مع مراعاة انتظارات أهالي الجهة منه.
فبعض المهرجانات تمثل متنفسا للأهالي بما يتوفر فيها من قيمة للترفيه لكن دون تعبئة الفراغات بما لا يناسب حيث يقتضي الأمر تمييزا إيجابيا لفائدة جهات بعينها.
في المقابل تبقى مهرجانات أخرى بمثابة المرآة التي تعكس عراقة تونس في علاقة بالمهرجانات وبوابتها لاستعادة مكانتها في التوزيع العالمي للمهرجانات وذلك من خلال إعادة التفكير في هيكلاتها وخياراتها وميزانياتها.
ولابد في البدء من جرد للمهرجانات لجميع المهرجانات التونسية خاصة وأن بعضها صار يتشابه حد التماهي وبعضها يرتكز في منطقة بعينها وفي فصل بعينه فضلا عن غياب بعض التخصصات في بعض الجهات.
ويبدو أننا في انتظار خارطة جديدة للمهرجانات في تونس، إذ طالبت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي بإعداد خارطة توزيع المهرجانات وإعداد تقارير مفصلة عن عدد من المهرجانات التي فقدت قيمتها التاريخية أو توقفت لأسباب مختلفة.
ويأتي مطلب الوزيرة الذي من شأنه أن يغير مشهد المهرجانات في تونس، إن أتى أكله، إثر الاجتماع الدوري الخاص بتنظيم المهرجانات وتصنيفها حسب الخصوصيات المنعقد أمس الإثنين.
وفي سياق متصل أكدت ضرورة اعتماد معايير واضحة ومضبوطة وإعداد كراسات شروط تلزم الجهات المنظمة بالارتقاء بمستوى التنظيم وتمكن من تفادي النقائص المسجلة سابقا.
كما دعت إلى انتهاج مقاربة اصلاحية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الفنية والتراثية لكل جهة وتراعى فيها مسألة المضامين قبل منح الدعم العمومي لأي مهرجان دوليا كان او محليا.