ما إن تقع عيناك على معلقة الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي التي أفرجت عنها إدارة المهرجان، اليوم، حتى تشدك رموز تنهل من لغة الأجداد تنبش في الذاكرة وتغازل الأساطير.
وبين تفاصيل رقمي 5 و 9 اللذين يحيلان إلى عدد الدورة يندس التاريخ في ثنايا المساحة البيضاء من خلال عبارة ” “قرط حدشت” التي تعني المدينة الجديدة بالبونية/ الفينيقية.
بلون مذهب كتبت العبارة وتشابك مع الأرقام كما تشابك الماضي بالحاضر وفي أعلى الرقم 5 تجلت رموز كتابية مستوحاة من الأبجدية البونية/ الفينيقية.
“قرط حدشت”، تظهر على جسد الملصق الداكن وكأنها تعويذة ضد النسيان، أو صوت يوقظ الذاكرة من سباتها، احتفاء بالهوية وباللغة المنسية وبالجذور.
وفيما الأرقام تحتلّ المساحة دون صخب، ويأتي العدد “59” واضحا ومرنا في إحالة للديمومة والتجدد، تنساب الحروف بخط عربي متمرد يراقص الإيقاع يلامس الرقم ويخترقه في تقاطع تتداخل فيها الأزمنة والأبجديات.
أما الخلفية، فزُرقة يتجلى فيها الليل، والغسق، والبحر، وتُشبه تلك اللحظة التي تفصل بين الضوء والعتمة وبين الحقيقة والخيال حيث تغدو المدينة أسطورة.
وفي معلقة الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي تظهر جذور المدينة لا كذكرى بل اقتراح دائم لمعنى الوجود متجاوزة الأطلال إلى الأبجدية.