عاشت مدينة القلعة الكبرى مساء أمس على وقع احتفاء “جمعية علوم وتراث” بمبدعي المدينة من خلال التظاهرة السنوية “ٌقلعة الإبداع”، وهي مناسبة يتم من خلالها تقديم آخر الإصدارات الأدبية والفكرية والشعرية وتكريم مبدعي مدينة القلعة الكبرى.
ولم يشذّ اللقاء الذي التأم ببهو دار الثقافة بالقلعة الكبرى عن هذه القاعدة حيث تم تقديم العديد من الإصدارات خلال جلسة ترأستها الدكتورة والباحثة بثينة بن حسين. ولعلّ من أهم هذه الاصدارات هو كتاب “الشاذلي قلالة رفيق درب بورقيبة : مسيرة نضال ووفاء” للمؤرخ الحبيب بلعيد والذي اعتنى بتقديمه الدكتور فرج الزرلي حيث أتى في جانب منه عن العلاقة المتميزة بين هذين الرمزين من رموز الحركة الوطنية. كما تطرّق الصحفي محمد علي بن الصغير في تقديمه لكتاب “ثورة التوابين” للدكتورة بثينة بن حسين الى ظروف نشأة هذه الفرقة الدينية بعيْد مقتل الحسين ابن علي ورغبتها في القصاص من قتلة حفيد رسول الله وتطرق لما كان لهذه “الثورة” من تداعيات على الأمة الإسلامية. أما أدبيا فقد حازت رواية “الفضارضي” للمهندسة رانيا الحمامي التي قدمها الصحفي محمد علي خليفة اعجاب الحاضرين من خلال طرافة الطرح واستعمال أسلوب مبتكر نسبيا في طرح مسائل مجتمعية آنية وقضايا حارقة. الأمر نفسه بالنسبة لكتاب “آلام متقاطعة” للصحفي محمد علي خليفة الذي راوح فيه الكاتب حسب أحلام غزيل ” بين السرد والحوار والتزم الكتابة بلغة عربية فصحى بسيطة التركيب وعميقة المعنى”. وحاول من خلال أزمة كورونا طرح جوانب عديدة في علاقة قائمة على “ثنائية المتخيل والواقعي”. أما ديوان “نيران الجوى” للدكتور الشاعر توفيق بن عامر الذي قدمه بكل اقتدار وتفنن الشاعر الألمعي أنور بن حسين فقد سافر بالحاضرين ومن بينهم الإعلامي الفذّ بالإذاعة الوطنية الحبيب جغام، في عالم نص “يترجم عمق المأساة الانسانية وفيض المشاعر الخلاقة”, هو قطعا عالم الشاعر الذي رثى زوجته بكل جوارحه “فيوظف الندب والتأبين والعزاء لتحقيق غايته”.
“قلعة الإبداع” منبع الطاقات الشابة
لعل من بين المزايا الاخرى لهذه التظاهرة التي يحرص منظموها ومن بينهم منسق هذا اللقاء حسن بن علي على تأصيلها، اكتشاف العديد من الطاقات الابداعية الشابة خصوصا في مجال الشعر. حيث بالإضافة إلى العروض التي قدمها كل من أنور بن حسين وناجح شواري ولطفي المثلوثي وتوفيق بن عامر تمكّن الحاضرون من اكتشاف طاقات ابداعية جديدة على غرار الشاب محمد الناصر العكروت الذي قدم قصيدتين باللغة العربية “عرس الشهيد” و”مساحات” و قصيدة بالعامية بعنوان “بابا” والشابة اكرام الهرقلي التي قدمت ثلاث قصائد ناوينها كالتالي : “تسألوني من هو؟ ” و”ترنيمة حب ” و”نحبك”. وقد حازت هذه القصائد وخصوصا قصيدة “بابا” لمحمد الناصر العكروت اعجاب المشاركين وصفقوا لها طويلا بالنظر لما تحتويه من معان جميلة وما تفيض به من مشاعر جياشة تجاه الاب الذي لطالما كان منسيا وذكره قليل في انتاجاتنا الأدبية عموما.

الشاعر محمد الناصر العكروت
وكان لشغف الشاعر الشاب بالفرصة التي اتيحت له وسمحت له بالتحرر من كل القيود التي كبلته وعددا من أبناء جيله من الطاقات الابداعية التي ظلت حبيسة جدران مواقع التواصل الاجتماعي او في طيات الكتب، دور كبير في تميزه القاءً ونصًّا.
وما زاد اللقاء جمالا واشعاعا الوصلات الموسيقية التي قدمها. المطرب وابن الجهة الفنان نبيل خليفة الذي أدى اغنية جديدة تتغنى بفلسطين وقد تم تقديمها حصريا خلال هذا اللقاء الذي اختتم بتوزيع الجوائز على المتفوقين دراسيا من أبناء الجهة.
هارون مالك