يستمد مهرجان قابس سينما فن خصوصياته من انغماسه في بيئته والتحامه بقضايا المنطقة ويتجسد ذلك في تفاصيل البرمجة وفي المعلقة الرسمية.
وطالما مثلت المعلقة الرسمية للمهرجان منذ دورته التأسيسية مساحة للتفكير والتأويل والتذكير بالراهن والواقع المعيش من خلال أساليب فنية مختلفة.
وفي معلقة الدورة السابعة يستنطق الفنان سيف فرج السراب ويصنع له سيقانا تتحرك في جميع الاتجاهات وأياد تمتد لتعانق الإنسان والطبيعة وتشكل لحظات صفاء خالصة تنضح بالحقيقة.
“صورة سراب” التقطها فرج وألهمها وجهين واحد للطبيعة والآخر للإنسان فتماهت الورقات والأغصان بالأيادي والسيقان وانصهرت الثمرات مع الرؤوس وبدا المزيج مثقلا.
الألوان تحاكي ألوان البحر في ليلة عاصفة تتصاعد فيها صرخات شباب يلاحق الأمل على الضفة الأخرى من المتوسط، تغويك بالإيغال في تفاصيلك ثم تشتت نظرك في ثناياها وكل جزء منها يحملك إلى ماوراء السراب.. إلى الحقيقة.
تلاحق تدرجات الألوان وظلالها، وتتشابك الخطوط، تتفرع وتتعانق، تتجافى وتتدانى وتغدو الرؤية ضبابية مرتبكة متوترة على شاكلة العلاقة بين الإنسان والطبيعة.
يتكثف الإحساس على أعتاب المعلقة التي تشبه المتاهة وتتداخل الحواس ويعلو منسوب التوتر ليحاكي غطرسة الاستعمار فتصاب بالدوار وانت تقتفي آثاره في التلوث.. في الأمراض.. في الموت الذي يتخذ وجوها كثيرة.
من السياقات الإنسانية والاجتماعية والسياسية والتاريخية والبيئية ينسج سيف فرج ملامح معلقة “قابس سينما فن” وفي عمق السراب تتربع آفة التلوث التي تعاني منها المنطقة.
وكلما تمعنت أكثر في “السراب المتحرك ” تتزاحم في رأسك القراءات والتأويلات وتحاول عبثا أن تفكك تعقيدات العلاقة بين الإنسان والمكان ويحدث أن يزوغ بصرك إلى زاوية من زوايا السراب حيث تتهافت التحديات على إيقاع التهميش والنسيان والتسويق والوعود الواهية…