رياليتي أون لاين/ جدة_“عالحافة” للمخرجة سحر العشي (تونس)، “روز للمخرج ألكسندر زين (لبنان)، شيخة للمخرجين أيوب ليوسيفي وزهوة راجي، عبر المياه للمخرجة فيف لي (الصين)، واش (wash) للمخرجة ميكي لاي (ماليزيا)، خمسة أفلام قصيرة تروي النساء من زوايا مختلفة.
رحلة ممتدة في الزمان والمكان على إيقاع شخص تروي أحداثا تتقاطع جميعها عند المرأة التواقة إلى الحرية، من تونس إلى المغرب فلبنان والصين وماليزيا تتعدد الأطر والسياقات وتستمر النساء في مواجهة مصائرهن المكبلة بأحكام الآخر.
عالحافة…
وفي فيلم عالحافة تقتحم كاميرا سحر العشي عالما ذكوريا وتحاول أن تقتلع منه مكانا لإمرأة تبيع “الفريكاسي” (أكلة سريعة تونسية) وتواجه المضايقات بأشكال مختلفة.
على إيقاع قصة “منيرة” (مريم الصياح) تنشئ المخرجة سحر العشي روابط بين الفضاء والشخصيات وتطلق العنان لشخصياتها تبلغ بها مرحلة الصدام ومن ثم تقيدها بإكراهات الواقع.
في كادرات توحي بالانفتاح والانغلاق في الآن ذاته تتحرك الكاميرا لتتفحص وجوه الشخصيات التي تلتقي كلها عند السعي مع اختلافات جوهرية في تقديرات كل منها للأشياء من حولها.
وفي مواقع التصوير حاولت المخرجة أن تترجم رغبات شخصيتها الرئيسية واحلامها من خلال مواقع تصوير شاعرية واقعية في الآن ذاته دون أن تطنب في نصها المنطوق في هذا الخصوص.
وفيما تحاول الباطرياركية التمدد في فضائها المخصوص تنتفض المرأة في لحظة تشكلت في مفترق طرق بين الحلم والحقيقة وتمردت لرسم ابتسامة النصر على وجهها تجاهلت معها كل العوائق.
ثلاثة شخصيات في الفيلم “منيرة” (مريم الصياح)، “مراد” (محمد حسين قريع)، “زربوط” (أيمن الماجري) تترنح بين الواقع والحلم وترسم كل منها حدودا وهمية تتلاشى على حدود السلطة الذكورية التي تخلق هامشا داخل الهامش.
ومن قصة واقعية لبائعة تواجه كل شيء لتحيا بكرامة وسلام تسائل سحر العشي العلاقات داخل المجتمعات الذكورية بأسلوب بسيط وقابل للفهم على مستويات عدة.
فيلم "عالحافة" إخراج : سحر العشي السيناريو : سحر العشي إنتاج : إبتسام العبيدي، سارة عبيدي تمثيل : مريم صياح محمد حسين قريع، أيمن الماجري
“روز”..
ومن ذكريات الطفولة نسج المخرج ألكسندر زين ملامح فيلمه “روز” وطرزها بالتفاصيل التي علقت برأسه عن النظام الابوي الذي يفرض على النساء أطرا ونظما معينة.
كل الغضب الذي كان يعتريه وهو طفل للمشاهد غير المنطقة التي يصادفها وما تخليه من وجع ظهر على مشارف نهاية الفيلم بصوت الشخصية الرئيسية “روز”.
ولعل التحدي في هذا الفيلم هو أن هذه الشخصية تؤديها والدة ألكسندر الحقيقية والتي تؤدي دور أم لبنانية مثالية ومهووسة بالتفاصيل، تحاول أن تجعل من خطوبة ابنتها يوما مميزا فاهتمت بكل صغيرة لاستقبال الضيوف.
وفيما تنطفئ الشموع التي اتخذتها زينة وتتبعثر قطع الشوكولاتة على إيقاع شتائم زوجها الذي ما انفكت يكيل لها الانتقادات تهرب إلى عزلتها وتحبس صرخاتها وتنفثها مع دخان سجائرها داخل الحمام.
الحمام، مساحتها الخاصة التي تعد فاصلة بين ارتفاعها القناع الذي يحبه زوجها والمجتمع ونزعه ولكنه أيضا الفضاء الذي تصالحت فيه مع نفسها ومع فكرة أم تكون كما تريد لا كما يريد الآخرون.
قبل أن تتحرر المرأة التي ظلت لسنوات في جلباب الآخرين من زنزانتها الهلامية، كانت ترتاح لخادمتها الإفريقية الشخصية التي تحاول أن تحافظ على توازنها منذ بداية الفيلم.
“روز” التي قلبت كل الموازين في النهاية حينما حررت صرخاتها كانت تتحرك في فضاء مغلق وتواجه الحيطان والأسقف ولكن سيل المياه المنهمر على وجهها حملها إلى الخارج حيث الفضاء المفتوح على كل الاحتمالات.
فيلم "روز" إخراج : زين الكسندر سيناريو: زين ألكسندر إنتاج : زين الكسندر تمثيل : غادة بسمة شارون تشيبكوييموي واتوك
شيخة ..
وفي فيلم “شيخة” يترجم الزوجان أيوب ليوسيفي وزهوة راجي عشقها للشيخات وللنمط الغنائي “العياطة” من خلال قصة فاتن التي تتجاذبها رغبات مختلفة.
“فاتن” ابنة “شيخة” مشهورة تدعى نادية ورثت عنها حب الغناء والرقص والتمثيل معها الأعراس حيث والدتها العنصر الأساسي في مجموعة موسيقية تحيي “العياطة”.
“العياطة” نمط غنائي شعبي توارثته العائلة أجيالا ثلاثة، الجدة والأم والإبنة التي كانت تشهد لحظة فارقة في حياتها بعد أن تحثلت على البكالوريا وقررت الالتحاق بالجامعة.
في الأثناء تعيش الفتاة المراهقة قصة حب تظهر في تفاصيلها النظرة الدونية للشيخات والأفكار المسبقة عنه وسط مجتمع ذكوري يحاول تكثيف الحدود حول المرأة وجسدها.
عند مفترق طرق تقف “فاتن” بين حب الغناء وحب صديقها وتتعرى رغبته في يجنها فيما يتصاعد صوت أمها في أحد الأعراس وتتحرك “العياطة” في خلاياها وتهرب إلى الرقص لتتخفف من صدمتها.
فيما يصدح صوت الشيخة “خربوشة” “ليام آ ليام” والتي تتغنى بالمقاومة، تتحرر “فاتن في بيئتها أكثر فأكثر ويصور مخرجا الفيلم المرأة المغربية القوية والحرة والمستقلة.
والفيلم يوثق لنمط غنائي تراثي راسخ ويرسم أيضا صورة مضيئة عن المرأة المغربية التي تختار نفسها في اللحظة الحاسمة وتعيد ترتيب الأحداث على وقع ثورتها.
فيلم "شيخة" إخراج : ايوب ليوسيفي, زهوة راجي سيناريو: ايوب ليوسيفي ، زهوة راجي إنتاج : دافيد أزولاي، نجيب الدرقاوي تمثيل : ريتا الوجدية، سناء القدار، أسامة فال، حاتم الصديقي
عبر المياه..
قصة أخرى تستلهم تفاصيلها من حكايات المرأة إذ يصدح صوت “تيريزا تينغ” المغنية التايوانية التي حظرت الصين أغانيها في الثمانينات بدعوى أنها هابطة وتحاول فتاة تتبع الصوت في سماعة مرتبطة بجهاز تشغيل موسيقى.
الفتاة التي توثق شعرها تجمع كل الألوان في ملابسها وكأنها تواجه شحوب معسكر استخراج المعادن الثنائي وتتحدى عواصف الغبار والبرد وتحاول أن تخلق عالما في مكان لا يلتقط إشارات الراديو.
فكرة الفيلم مستوحاة من طبيعة المكان في منطقة غانسو من صحراء غوبو الآسوية ومنها تفرعت إلى محاولات المرأة المستمرة لصناعة عوالم تشبهها على إيقاع موسيقى شعبية تشكلت معها سبل أخرى.
ملامح الفتاة كانت جامدة طيلة الفيلم ولم تدب فيها الروح الا بالحديث الخاطف مع واقد غريب فتح أعينها على ضفة أخرى من العالم وهي تكتشف أشياء جديدة للمرة الأولى في حياتها.
الخطوة الأولى كانت أن تفك وثاق شعرها وإن تعانق الأفق بعينها فيما ارتسمت صورة المدينة ماوراء معسكر التعدين لتحاكي رغبة الفتاة في أن تنعتق من المكان.
فيلم "عبر المياه" إخراج : فيف لي سيناريو : فيف لي إنتاج : رافاييل سيمافونیان، رومان بانت تمثيل : يانغ يوکسن زاوو غينغليين
واش..
إلى ماليزيا يحملنا فيلم “واش” (غسيل) الذي يحكي معاناة الفتيات في معسكرات التدريب الإجباري التي تشمل الإناث والذجور في ين الثامنة عشر حيث يتوجب عليهن غيل الفوط الصحية المستعملة.
الأمر ليس مجرد خيط لنسج ملامح فيلم روائب بل هو تقليد راسخ في ماليزيا مرتبط بأحكام الدين الإسلامي وبروايات الأساطير، تقليد يثقل كاهل الفتيات ويجعلهم في مواجهة مواقف مستفزة لكنها غير قابلة للتصنيف.
الفيلم الذي اعتمد طريقة تصوير بالأبيض والأسود يرصد التنوع العرقي والاثنين والديني في ماليزيا والنقاء اختلافاته عند الإجماع على حتمية غسل الفوط الصحية ويستنطق آثار القسوة المتمخضة عن هذه السُنّة.
من تجربتها الشخصية نسجت المخرجة “ميكي لاي تفاصيل فيلمها في محاولة للتعبير عن الأمائر التي ظلت كالوشم في روحها وتخطي ذكرياتها التي أمضت فترات ليست بالقليلة تواجه دماءها وخوفها.
هذا الفيلم الذي يسائل العادات والتقاليد في ظل التغيير الذي يشهده العالم يوميا حاصل على تمويل حكومي نالته المخرجة حينما تمكنت من الإقناع بجدوى الحديث عن معاناة النساء.
“تروما” تجلت في كل تفاصيل الفيلم، في عيون الفتيات ورجعة أياديهن وهن يلقينها في القمامة لاستخراج الفوط وإعادة غسلها وما رافقه من حركات متمردة.
في الأثناء تجلت دبناميكية ملفتة بين الشخصيات التي لم تقو على مواجهة العادات فتصارعت فيما بينها في ديناميكية عززتها حركة الكاميرا التي سارت في مساحات تقلثت فيها فجوة الاختلافات…
فيلم "واش" إخراج : ميكي لاي سيناريو : ميكي لاي إنتاج : ليم شو جيا تمثيل : لي خوان سياو، إيشا أنوم، كانا سلفام، فرح أحمد