انطلقت صباح اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024 فعاليات الدورة 43 لمهرجان الزيتونة الدولي بالقلعة الكبرى في أجواء احتفالية وبحضور عدد هام من السياح والزوار من الجهة ومن المناطق المجاورة.
على خلاف الدورات السابقة، لم تشهد هذه الدورة، التي أطلق عليها “دورة المرحوم المنصف فرادي” تخليدا لذكرى أحد مؤسسي المهرجان وأحد أهم رجالات التربية في الجهة، احتفاء كبيرا بهذا الصرح الثقافي خصوصا في شوارع المدينة بسبب العدول عن تنظيم الكرنفال السنوي والاكتفاء باليوم السياحي وهو أحد الأركان الهامة في هذه الدورة التي تلوح استثنائية بجميع المقاييس.
اقبال سياحي هام…
سعت لجنة التنظيم وفي حدود الإمكانات المادية والبشرية واللوجستية المتاحة الى برمجة جملة من الفقرات المختلفة والمتنوعة لتأثيث هذا “العرس السياحي” الذي أعطى شارة انطلاقه والي الجهة حيث كان مرفوقا بثلّة من الإطارات الجهوية والمحلية.
ورغم اقتصار التظاهرة على عرض موسيقي أمنته فرقة “حضرة سوسة” بقيادة محمد علي الجلالي وبعض اللوحات الفلكلورية والعروض الفرجوية إلا أن العديد من الزوار أبدوا اعجابهم بمظاهر الاحتفال والأجواء التقليدية التي عمّت الفضاء الذي احتضن هذه التظاهرة. كما أن تنظيم مسابقة في جني الزيتون كانت فرصة للسياح الذين توافدوا بعدد هام على المكان، وذلك بفضل التنسيق المحكم بين ادارة المهرجان والمندوبية الجهوية للسياحة بسوسة، حتى يمارسوا هذا النشاط الفلاحي ويشاركوا بصفة فعّالة في هذه التظاهرة. ولعل هذه التظاهرة هي في صلب الاستراتيجية الوطنية لدعم السياحة التونسية من خلال التنويع في العرض السياحي واستقطاب الزوار نحو أنشطة تسمح لهم باكتشاف المخزون التراثي للجهة من أجل اعطاء أكثر اشعاع للوجهة التونسية في العالم.
غير أن هذا اليوم السياحي لم يدم أكثر من ساعتين تقريبا حيث لم تكن الظروف المناخية مواتية للاستمتاع أكثر بالعروض الموجودة حيث أن سرعة الرياح وشدتها كانت سببا في إجبار بعض العارضين على حزم أمتعتهم والزوار على الان
سحاب كما أن “الاختصار” والاقتصار على عرض موسيقي وحيد في غياب عرض الأزياء التقليدية قد عجّل بانتهاء هذا اللقاء الذي يبقى رغم كل الهِنا
ت والنقائص نقطة من نقاط قوّة هذا المهرجان.
من أجل تصوّر جديد…
لعلّ غياب التجديد والتنويع في التصوّر والرؤية لهذه الفقرة التقليدية في المهرجان كانت من بين النقاط السلبية حيث أنه وعلى امتداد سنوات حافظ المنظمون على الفقرات بعينها الى درجة أن جميع الورشات التي تم تنظيمها مثل ورشة رحي الزيتون وصناعة وسائل جني الزيتون وورشة الصناعات ا
لصوفية اليدوية وعروض التذوق والمنتوجات التقليدية حافظت تقريبا على المكان نفسه. ولئن كانت بعض الأسباب اللوجستية قد ساهمت في مثل هذا “العرض الروتيني” باعتبار عدم تغيير الفضاء المخصص لليوم السياحي فإن الساهرين على هذه الفقرة الهامة مطالبون في الدورات القادمة الى التدارك واستشراف أفكار مستحدثة من خلال إدماج أركان قادرة على إثارة فضول الزوار وحثهم على القدوم بعدد كبير وخصوصا من أبناء الجهة رغم انفتاح هذه الفقرة بشكل أكبر على السياح الأجانب.
ولعلّ انفتاح جمعية مهرجان الزيتونة الدولي بالقلعة الكبرى التي تستعد في قادم الأيام الى عقد جلسة انتخابية على محيطها قد يساهم في تنويع الأفكار وإثراء المقترحات من أجل إعطاء بعد أكبر لهذه التظاهرة التي أصبحت تفقد بريقها شيئا فشيئا رغم المجهود الذي لطالما بذله منظموها والمشرفون عليها. هذا فضلا عن ضرورة تحمل السلط المختصة لمسؤوليتها في دعم هذا المهرجان العريق الذي لطالما كان منارة مضيئة في سماء المشهد الثقافي في جهة الساحل ككل.
الجمعية التونسية للتطوع : نقطة ضوء
من بين النقاط المضيئة هو مشاركة الجمعية التونسية للتطوع فرع القلعة الكبرى بقيادة الشاب محمد الناصر عكروت
في فعاليات هذا اليوم السياحي. حيث كان أبناء هذه الجمعية من الشبان والشابات اليافعين في قمة النشاط وساهموا في عملية ت
نظيم فقرات هذه التظاهرة وبأسلوب محترف وعلى غاية من الدقّة. وتعتبر هذه الجمعية من أهم فعاليات المجتمع المدني في القلعة الكبرى التي تشق طريقها بثبات بفضل طبيعة النشاط التطوعي الذي تقوم به وبفضل الانسجام والتفاهم الكبير بين أعضائها وهو ما جعلها
حاضرة وبشكل مكثف في العديد من التظاهرات الثقافية والرياضية لعلّ آخرها اللقاء الودي الذي جمع مؤخرا بالملعب البلدي بالجهة فريقي الخطاف الرياضي بالقلعة الكبرى والنجم الرياضي الساحلي.