أمام وزارة السياحة في شارع محمد الخامس، رابطت الحافلات المخصصة لنقل جمهور عرض “كايروكي” إلى المسرح الأثري بدقة، جمهور من فئات مختلفة غلبت عليها الفئة الشبابية وتجلت على وجهه الحماسة للقاء مجموعة موسيقية نفدت تذاكرها في وقت وجيز.
راية فلسطين والكوفية تبدت من وسط أفواج الجماهير التي حجت إلى دقة في مشهدية شاعرية شكّلها طابور الحافلات والسيارات في الطريق إلى المسرح الروماني حيث سادت كيمياء ساحرة في أرجاء المكان.
قبل نصف ساعة من انطلاق عرض “كايروكي” تعالت أصوات الجمهور مرددة أغانيه ودوت معها المدارج والكوفيات وراية فلسطين تخفق من كل صوب وتعانق عنان السماء مما خلق حالة ذهنية وعاطفية سادت عليها فلسطين.
ومع اعتلاء “كايروكي” الركح سرت الحماسة أكثر فأكثر في الجمهور الذي تسلح بعضه بحقائب وأقمصة ظهرت عليها كلمات من أغاني المجموعة وتحول مسرح دقة الأثري إلى مساحة للرفض والنقد والثورة.
على إيقاع “كايروكي” النابض قضايا والمتجذر في الواقع اليومي الذي لا يختلف من دولة عربية إلى أخرى، رفرفت راية تونس والكوفية على امتداد المدارج واشرأبت لها أعين مغني المجموعة أمير عيد الذي رفع مرارا شارة النصر.
“صوت الحرية” صدح أمير عيد وهو يحمل الراية التونسية وردد معه الجمهور “في كل شارع في بلادي صوت الحرية بينادي” وتبدت ملامح النوستالجيا.
“صوت الحرية” ليست مجرد أغنية بإيقاع يجد طريقه إلى الوجدان وكلمات تعبر عما يعتمر بدواخل جيل “سلاحنا أحلامنا”، بل هي تعبيرة وأسلوب حياة لهذا الجيل الذي آمن ويؤمن بالحرية ويقتفي أثر الأمل في أحلك الزوايا.
“أنا نجم “، “بسرح واتوه”، “كانلك معايا”، “روما”، “ليلى”، “سامورايا”، “تارنتينو”، “مربوط بأستيك” ، “نقطة بيضا”، غنى أمير عيد وكان له الجمهور كورالا يحفظ أغانيه عن ظهر قلب، وشاركتهم سارة مول البلاد غناء “نفسي أحبك”.
على إيقاع موسيقى الروك والبوب انتفى الزمان وتلاشت كل الرمزيات على أعتاب خفقان العلم الفلسطيني طيلة السهرة، في أعلى المدارج اهتز العلم على السواعد حتى صار تيمة متأصلة في العرض.
وحينما تعالت موسيقى أغنية “تلك قضية” زينت الكوفيات المدارج وهتفت الأصوات لفلسطين وتبدت المأساة الفلسطينية التي مازالت متواصلة إلى اليوم على مرأى ومسمع من العالم.
كيف أصدق هذا العالم.. لما بيحكي عن الإنسان؟.. شايف أم بتبكي ضناها.. علشان مات في الغارة جعان.. ويساوي المقتول بالقاتل.. بشرف ونزاهة وحيادية.. وتلك قضية وتلك قضية، دوى صدى كلمات مصطفى الشريف في أرجاء المسرح.
فيما علت الأصوات رافضة المأساة ارتسمت في الشاشة “كفاح”، عبارة تختزل كل حركات التحرر وتعبيرات النضال والمقاومة وتصبغ تفاصيل سهرة تحاكي الحلم، سهرة لا تنسى كما وعدت المجموعة جمهورها في مستهل العرض.
“حفلة مش حتنسوها” قال الفنان أمير عيد وهو يتحدث عن حضور المجموعة لأول مرة في تونس ولم يفوت المناسبة ليغازل جمهور دقة الذي وصفه ب”الجامد”.
“لم نحلم أننا سنغني على ركح مهرجان دقة” قال عيد فيما باحت أعين الجمهور بحديث كثير عن الليلة الحلم ولو تكلم بصوت واحد لقال” الحلم ما عشناه معا من موسيقى وكلمات وشاعرية وثورة”.