“اللي قادرة ع التحدي و ع المواجهة”، مطلع أغنية “اللي قادرة” للفنانة المصرية آمال ماهر التي تعود إلى ركح مهرجان قرطاج الدولي بعد تسع سنوات حيث صافحت الجمهور التونسي آخر مرة سنة 2015.
اقتباسا من كلمات الأغنية يتجلى سؤال “هل كانت آمال ماهر قادرة على التحدي في مهرجان قرطاج الدولي” ومنه تتفرع أجوبة يتعلق بعضها بتصور الحفل وبحضور آمال ماهر وبتفاعلها مع الجمهور وتفاعل الجمهور معها.
ولا يختلف إثنان حول الجمهور الغفير الذي حل بمسرح قرطاج الأثري لينصت لصوت فنانة عرفها في البدء من خلال قدرتها على الاستعادات بأسلوب مختلف يتميز بإحساس صارخ يمتد إلى إنتاجاتها الخاصة.
صور الفنانة أمال ماهر ملأت المسرح وحملها البعض من جمهورها على امتداد حوالي ساعتين غنت فيهما من أغانيها الخاصة واستعادت أغانيَ طربية لوردة وأم كلثوم وعبد الحليم.
وعلى إيقاع موسيقى أوجدها عازفون بقيادة المايسترو ثامر فيضي صدحت آمال ماهر بصوتها الذي لم يستجب لها في عدة مواضع خاصة في بداية السهرة مع أغانيها الخاصة.
وانطلاقة الحفل لم تكن في حجم تحدي صعود مهرجان قرطاج للمرة الثالثة على التوالي ولا في حجم مواجهة الجمهور الذي ملأ المدارج رغم أنه تفاعل طيلة العرض بأشكال مختلفة.
ربما هي رهبة مواجهة الجمهور الغفير انعكست على حضور الفنانة التي بدت مرتبكة في البدء ومتوتره وظهر ذلك على محياها وتجلى في اضطراب حركتها على الركح وجيئات وذهابات غير مبررة.
صوت آمال ماهر الصادح لم يكن منسابا بالقدر الكافي وطغت عليه الموسيقى ولم يتدفق إلا حينما غنت دونها، ولولا ذلك لساد اعتقاد بأن قوة صوتها ضاعت وسط زحام النغمات والإيقاعات.
كل هذه الملاحظات المتعلقة بصوت الفنانة المصرية التي أثبتت في أكثر من مناسبة أنها قادرة على التحدي وعلى المواجهة وتجاوز الأزمات، لم تنف احتفاء الجمهور بها إذ ردد كلمات أغانيها.
آمال ماهر التقطت محبة الجمهور لها ولم تغفل الحديث عنه حينما اعتلت ركح قرطاج إذ قالت ” مساء الخير.. مساء المحبة.. وحشتوني.. أنا سعيدة جدا بوجودكم.. إن شاء الله ليلة جميلة زيكم.. أنتم جمهور تخلو الفنان طاير وانا طايرة حاليا”.
وفعلا بدت آمال ماهر على الركح وكأنها لا تريد أن تضع قدمها على الأرض، كانت تتحرك كثيرا وكأنها تحاكي فعل الطيران على وقع احتفاء الجمهور بها وهي التي لمحت صورها تملأ المدارج وانتشت بذلك.
“لو كان بخاطري” و “سكة السلامة” و”اتقي ربنا” غنت آمال ماهر وبدأ صوتها يتحرر شيئا فشيئا وبدأ منسوب التوتر يخفت حتى حملت الجمهور إلى الزمن الجميل عبر أغنيتين للفنانة وردة “أكذب عليك” و”عارف كان أجمل شي في حياتي”.
وقبل أن تشرب في غناء “أكذب عليك” رددها الجمهور في المدارج منذ أن انطلقت الفرقة الموسيقية في العزف وهو ما يعكس انتظارات الجمهور الذي يحب سماع الاستعادات بصوتها الناعم واحساسها المرهف.
وبطلب من الجمهور الذي لم تنفك تغازله غنت ” أول ما يشوفني” خارج برنامج السهرة الذي تضمن “اللي قادرة” و”عندي صاحبة” و”في إيه بينك وبينها” و” من السنة للسنة” و”أنا الحب” و’رايح بي فين”.
وإلى جانب أغانيها القديمة والجديدة عرجت آمال ماهر على أغاني “ألف ليلة وليلة” و”ازي أوصلك لأم كلثوم” وموعود لعبد الحليم و”سيدي منصور” لصابر الرباعي لتشد الجمهور طيلة العرض.
وأغنية”سيدي منصور” كانت حاضرة في عرض آمال ماهر على ركح قرطاج سنة 2015 إلى جانب عدد من أغانيها الخاصة على غرار “رايح بيا فين” و”سكة السلامة” و”من السنة للسنة” و”اتقي ربنا فيا”، وأغنية “موعود” لعبد الحليم” و”ألف ليلة وليلة”.
ومن تابع حفل الفنانة المصرية آمال ماهر سيلاحظ حتما الارتجال على الركح وغياب تصور للعرض ويظهر ذلك من خلال المساحات البيضاء بين الأغاني، ملاحظات كثيرة تتعلق بحضور الفنانة لكنها لا تطمس جمال صوتها.
ربما هي الأزمات الكثيرة التي عايشتها تركت أثرها فيها ومازالت تسعى إلى تجاوزها، ربما هي الرهبة من الجمهور الغفير، وربما هو الحر والرطوبة خيما على حضورها ولكن كل هذه الفرضيات لم تكن سببا في قطع الوصال مع الجمهور.
*صورة لرفيق بودربالة