تطارح المشاركون في الندوة الفكرية، الملتئمة صباح السبت 9 سبتمبر بفضاء بلدية القلعة الكبرى، على امتداد أكثر من 5 ساعات، العديد من المسائل الحارقة في علاقة التراث المادي واللامادي في تونس بالمسائل العلمية ذات الصلة وعملية التأثير والتأثر بين هذين العنصرين.
لعلّ هذه الندوة التي نظمتها جمعية علوم وتراث بالقلعة الكبرى برئاسة الأستاذ محمد علي بن عامر من أهم اللقاءات التي خصصتها هذه الجمعية المختصّة بدرجة أولى في الشأن التراثي والعلمي معا. ذلك أن عنوان الندوة يختزل في حد ذاته ما يخامر منظميها، ومن بينهم منسق هذا النشاط حسن بن علي، من أفكار بناءة تصب جميعها في باب تثمين دور العلم في المحافظة على التراث من جهة ودور التراث في نحت اللبنة الأولى لبعض التخصصات العلمية ذات الصلة.
في العلاقة بين علم الرياضيات والأمثلة الشعبية
وقد حملت معظم هذه المداخلات التي أمنها ثلة من الاخصائيين والأساتذة الجامعيين، في طياتها العديد من المعارف والأفكار العلمية “الجادة” حينا، والطريفة والسلسة حينا آخر. ولعل ما ورد في مداخلة أستاذ الرياضيات المتقاعد وعضو المجلس العلمي بكلية المنستير سابقا يوسف بن الشيخ، يندرج في هذا الإطار. حيث تناول ابن مدينة أكودة في علاقة بتراثنا اللامادي، مسألة تناسق او تجانس الأمثال العامية التونسية مع بعض المفاهيم أو الأقسام الرياضية كنظرية المجموعات، جبر المنطق، نظرية الزمر، نظرية القياس، نظرية التقارب، نظرية الاحتمالات… وغيرها من النظريات التي نجد لها إسقاطات أو امتدادات مباشرة في العديد من الامثلة الشعبية المتداولة في بلادنا “رغم أمّية قائليها” في معظم الأحيان .
وقد اعتمد الأستاذ يوسف بن الشيخ لتبسيط مقاربته قدر الإمكان باعتبار خصوصية شرح المسائل الرياضية المعقدة لجمهور الحاضرين على محاكاة بسيطة وطريفة لعملية اقتناء ثمرة البطيخ وتناولها. إذ تتسم كل مرحلة من مراحل تناول هذه الثمرة بعملية تجريبية رياضية يقابلها في المخيال الشعبي مجموعة من الأمثلة التي نتداولها فيما بيننا دون إدراك حقيقي لأهميتها العلمية.
ففي عملية أكل هذه الثمرة مثلا، بحسب المحاضر، تقوم مقاربات عديدة تتماشى وكل حيثيات تناولها بدءا بعملية تقسيم هذه الثمرة المتكونة من ثلاثة أجزاء أحدها فقط صالح للأكل وهي مقاربة مبنية على المهم والتافه l’important et le négligeable. ومن أمثالنا التي تنطبق على مثل هذه الوضعيات “مالجمل وذنه” او “اللي ما يشبع مالقصعة ما يشبع ماللحيس”.
كما عدد المحاضر امثلة تتماشى ووضعية بقايا هذه الثمرة من قشور التي تعتبر “تافه+تافه” و ” تافه-مهم” وهي البذور التي تعتبر منطلق عملية الإنتاج المستقبلية وهو ما تقابلها المقاربات الرياضية l’extrémité de l’intervalle أو théorème des résidus وتنطبق عدة أمثلة على هذه الوضعية الرياضية من ذلك “الحصحاصة تسند القلة” او “القطرة اللي افاضت الكاس” او “الشعرة اللي قصمت ظهر البهيم” او “على عين الزيت تتاكل الفيتورة” وغيرها. أما في علاقة بقشور الثمرة التي تعتبر “تافه+تافه”، فيرى استاذ الرياضيات انه من الممكن اسقاط نظرية théorème d’archimède على هذه الوضعية باعتبار انه يمكن تحول تحويل هذا “تافه+تافه” الى شيء مهم من خلال تثمينه وتحويله الى سماد، ومن ثم يمكن اعتبار بعض الأمثلة ترجمة لهذه الوضعية من ذلك “فليّس مع فليذس يولي كديّس” او “حجيرة مع حجيرة تتبنى الدويرة” او “مالقطران تجري الغدران” او “حبة مع حبة تولي قفيز”.
وعلى النقيض تماما يرى المحاضر ان الاسراف في تناول ثمرة البطيخ “مهم+مهم” قد يتحول الى “تافه” باعتبار ما قد ينجر عن هذا الإسراف من مخاطر صحية مثلا وهو ما ترجمه يوسف بن الشيخ الى امثلة من قبيل “كثر مالعسل يمساط” او “كيف تكثر الرياس تغرق السفينة” او “الراجل اذا يكثر ماله يبدل مرته وعياله” وغيرها.
وما يحسب للأستاذ يوسف بن الشيخ قدرته على شد انتباه الحاضرين لدقة المثل الذي اعتمده في تبيان الترابط الوثيق بين بعض العمليات أو النظريات الحسابية وبعض الامثلة المنتقاة من تراثنا الشعبي والتي أثارت نوعا من التفاعل الكبير من قبل عديد المشاركين بالنظر الى اطلاعهم عليها بسبب انتماء معظمهم الى فئة عمرية متقدمة.
ويذكر أنه تم على هامش هذه الندوة تنظيم معرض خاص ببعض الأدوات الفلاحية التقليدية التي جمعها الاستاذ يوسف بن الشيخ وهو بعنوان “البعد العلمي في الالات التقليدية” حيث قدم صاحب المعرض بسطة عن مختلف استعمالات هذه الآلات وطريقة صنعها وعملها.
الموارد المائية : نقطة اللاعودة
يعتبر المهندس المختص في مجال المياه محمد الصالح قلايد أن أزمة ندرة المياه وشحّها التي تعيش على وقعها بلادنا هي وليدة العديد من الاخلالات والعوامل لعل أهمها “كثرة الطلب على المياه بسبب النموّ الديمغرافي وتحسّن مستوى العيش في المدينة والقرية كما المناطق الريفية على حدّ السواء، تقادم المنشآت المائية وتجهيزاتها مع كثرة الاستعمال بمرور السنين، تغيّر المناخ وما يتولد عنه من سنين صعبة يعمّقها الجفاف وقلة الأمطار والاستعمال المفرط وغير الرشيد للمخزونات المائية السطحية والجوفية”.
ويعتبر الخبير محمد الصالح قلايد أن غياب الوعي “بقيمة الماء ودوره في التنمية من خلال تواصل إهداره” يمثل امتدادا لهذه الوضعية الكارثية التي تعيش على وقعها بلادنا في ظل التغيرات المناخية الحاصلة والتي ربما تنبئ بقادم أسوأ او ببلوغ نقطة اللاعودة.
ويرى المتدخّل أن “البلاد التونسية قد عرفت منذ القدم بضعف مواردها المائية التقليدية سواء منها السطحية أو الباطنية، حيث تمّ جلب مياه الشّرب للحاضرة من مدينة زغوان في عهد عليسة وقرطاج وتمّ اقتسام مياه الريّ بصفة دقيقة وشبه عادلة في واحات الجنوب التونسي من طرف العلّامة ابن شباط.” ما يعني أن مسألة ندرة المياه في بلادنا هي مسألة قديمة لكن تواترت حدتها في السنوات الاخيرة حيث لم تعد تمثّل التساقطات المطرية في بلادنا سوى حوالي 36 مليار م3 من المياه منها 4،8 مليار م3 ما يمثل 13% هي مياه زرقاء من الممكن تعبئتها واستعمالها في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، 11،5 مليار م3 ما يمثل 32% مياه تستقبلها الأرض وتتمثّل في الفلاحة المطرية والغابات والمراعي و 19.7 مليار م3 ما يمثل 55% مياه تتبخّر أو تلك التي تذهب للمناطق الرطبة أوالسّباخ والبحار.
وأشار قلايد الى أن بلادنا تعتبر واحدة من بين 33 دولة في العالم تعاني من الشح المائي وهو ما يدفعها الى “التأقلم مع المتغيرات المناخية والمحافظة على الموارد المائية المتاحة من الهدر وتثمينها وتوظيفها على أكمل وجه”.
وما فتئ محمد الصالح قلايد الذي يعتبر من أكثر المختصين الذين يعتد بخبرتهم وشهادته من قبل وسائل الإعلام يدعو الى ضرورة التحرك الفوري لمجابهة هذا النقص الحاد في الموارد المائية والتي بدأت تبدو ملامحه منذ سنوات وخصوصا في مستهلّ سنوات الألفين ( 2006-2007) بالنظر “لكثرة الطلب خاصّة على مياه الشرب وكذلك لتأثير سنوات الجفاف والاستعمال المكثف للمخزونات بصفة عامة”.
ومن بين الحلول التي يرى المحاضر جدوى في اعتمادها سواء على المدى المتوسط أو البعيد هي تعزيز منظومات تحويل المياه وربط أكثر ما يمكن من السدود ببعضها البعض، تثمين المياه المعالجة التي تنتجها محطات التطهير لاستعمالها في الريّ الفلاحي أو ريّ المساحات الخضراء، تحلية المياه المالحة المتأتية من الموائد السطحية أو العميقة وكذلك تحلية مياه البحر، وضع مزيد من الخطط للتحسيس والتوعية عن طريق وسائل الإعلام بمختلف أنواعها للتعريف بقيمة الماء وندرته وطرق المحافظة عليه ، وضع برنامج للتغذية الاصطناعية لعديد الموائد الباطنية التي تشهد استغلالا مشطّا وذلك عن طريق منشآت للشحن الإصطناعي والاستفادة من مياه الأمطار في سنوات الوفرة وغيرها من الحلول الكفيلة بتخفيف وطأة هذه الأزمة التي تتفاقم سنة تلو أخرى.
دور المواد الإنشائية في التراث المعماري الروماني
اعتبر أستاذ العلوم الجيولوجية والمدير الحالي للمعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة، محمد الصغير قايد، أن “النهضة الحقيقية الإنشائية ازدهرت على يد الرومان بعد سقوط قرطاج سنة 146 قبل الميلاد حيث تم تشييد مدن جديدة على أنقاض المدن الفينيقية وكذلك مدن مترامية الأطراف بعد اكتساح أراضي المملكة النوميدية” وذلك بعد دخول الفينيقيين البلاد التونسية وإحداث العديد من تقنيات التشييد والبناء والعديد من المرافئ والمدن الساحلية. وهو الامر الذي يعكس التطور العمراني الكبير الذي شهدته بلادنا على مدى تعاقب الحضارات التي مرت بها، حيث “سكن أجدادنا الكهوف الطبيعية الجبلية ثم الكهوف المحفورة في الصخور الرسوبية على غرار مغاور مطماطة والمساكن البدائية بالقرى البربرية مثل شنني والدويرات”.
ويرى نائب رئيس جمعية علوم وتراث انه تم اختيار مواقع هذه المدن على أساس قواعد علمية مدروسة تتمثل “في قربها من مقاطع المواد الإنشائية ذات الخاصيات الجيوتقنية العالية وقربها من المصادر المياه الجوفية والسطحية وكذلك موقعها على طريق رئيسي متصل بمدينة أخرى”. واعتبر المحاضر أن عنصر الماء كان حاسما في اختيار مواقع المدن و تشييدها حيث كان شرط تواجد الماء شرطا أساسيا لما له من دور، لا فقط في عملية التشييد والبناء في حد ذاتها باعتباره عنصرا ماديا، وانما لارتباط حياة السكان بتوفره.
ولبناء هذه المدن، يقول المحاضر انه “تم اعتماد مواد إنشائية محلية مثل الحجارة الرخامية والصخور الجيرية والرمل والحصى… حيث أن الهيكل الأساسي تم تشييده بقوالب صخرية استخرجت من مقاطع صخرية بطرق تقليدية متبعة الفوالق والصدوع الطبيعية حيث يتم ملئها بالخشب ثم سكب الماء عليها وبانتفاخ الخشب تتصدع الحجارة ويتم سحبها وتكسيرها حسب الأحجام التي أوصى بها البناؤون”. ومع تقدم الزمن وتعاقب الحضارات “استعمل الرومان مواد حديدية حادة مثل : الفؤوس والأزاميل والأسافين والأوتاد والمسامير المعدنية. أما نقل هذه الحجارة فإنه يتم إما بواسطة عبارات مائية في البحر أو في الأنهار وإما بواسطة آلات جر حيوانية أو آدمية”.
ويرى الصغير قايد أن التخطيط المعتمد في تصميم هذه المدن متشابه ذلك أنه يشق كل مدينة شارعان متعامدان “تم تبليطهما بالحجارة الرخامية المحلية” يقسمان المدينة الى أربعة أجزاء تكاد تكون متساوية. وفي تقاطع هذين الشارعين “يوجد الفوروم الذي يحتوي على مبان عمومية مثل المعبد والبازيليكا والمكتبة والحمامات والمسارح ….وكذلك يوجد أقواس النصر التي بنيت عند تقاطع الطرق الرئيسية أو عند دخول الفوروم وعلى طول محيط وسط المدينة شيدت في الدائرة الأولى مساكن أرستقراطية من الطراز العالي غالبا ذات طابقين. أما في الدائرة الثانية شيدت منازل شعبية وفي أطراف المدينة نجد الفسقيات وكذلك المقابر”.
التطعيم في ظل التغيرات المناخية
يرى الباحث بمعهد الزيتونة بسوسة والحائز على شهادة الهندسة من المدرسة العليا للبستنة بشط مريم، حسونة قوتة، أن مسألة التطعيم بالنسبة لمختلف الأنواع النباتية أصبحت من الأهمية بمكان خصوصا في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية تحتّم القيام بعملية “انتقاء لما هو أفضل وأحسن و أقدر على الصمود في وجه الأمراض و الآفات و التأثيرات البيئية و كذلك باعتبارها ( عملية التطعيم) الطريقة المثلى لإكثار بعض الأصناف الهجينة أو المستنبطات النباتية”.
ويرى المحاضر أن الصينيين كانوا هم السباقين في هذا المجال وذلك من خلال ظهور هذه التقنية منذ ما يربو عن 6000 سنة ثم لحقهم الاغريق واليونانيون وغيرهم. وقد استعملت هذه التقنية منذ القديم لحل مشاكل حقيقية و تفادي انقراض بعض الأصناف في مجال الأشجار المثمرة.
ويرى الباحث أن التقنيات الحديثة “جاءت اليوم لتؤكد صحة الخيارات و كذلك لتبرز الدور الهام الذي لعبه التطعيم عبر العصور لمجابهة الاضمحلال الجيني و المحافظة على التنوع الوراثي”.
وقد تطرق حسونة قوته خلال مداخلته الى تفصيل التطعيم من الناحية التقنية البحتة من حيث أنواعه وطرق استعمالاته و مستلزماته. كما قام بعرض مقاطع نسيجية حديثة تبرز كيفية التوافق على المستوى الخلوي عند حدوث الالتحام التام بين الأصل و الطعم بعد إجراء التطعيم و العكس بالعكس إذا كان الالتحام غير تام.
وخلص الباحث الى أنه لم تكن هناك اضافة في تقنية التطعيم في حد ذاتها وإنما في مستوى استغلالها من خلال ابتكار طرق أخرى مستحدثة ذات جدوى وفاعلية أكبر.
الحفظ التقليدي للأطعمة
يرى المهندس في الصناعات الغذائية، حمدي بن الشيخ، أن “حفظ الغذاء هو أحد أشكال تكيف الإنسان مع البيئة من أجل البقاء”. وهوما دفع باسلافنا، بالنظر الى عدم توفر الغذاء على مدار العام بشكل متساو ودائم، الى اعتماد تقنية العولة بشكل بدائي وتقليدي. والهدف من ذلك هو “حفظ الغذاء من التلف لفترة طويلة ،حتى يكون مخزونا و يتم استهلاكه في فترات الجوع وشح الطعام”.
ويرى المحاضر الذي قدم بسطة شافية عن مكروبيولوجيا الغذاء و العوامل التي تؤثر عليها و كيفية التعامل معها لحفظ الأغذية لمدة أطول، أن عملية تحلل الغداء تبدأ فور حصاده أو قطافه، “كما يبدأ الغذاء الحيواني كذلك بالتحلل فور ذبح الحيوان أو فور حلب البقرة مثلا ،فكان الحيوان الذي يذبح يجب أن يكل لحمه مباشرة قبل أن يفسد، بفعل عوامل رطوبة الهواء و حرارة الجو و غيرها من العوامل التي تساعد على نمو البكتيريا وتحلل الغذاء ، وتمكن أجدادنا بالتجربة بدون استعمال المجهر من التحكم و السيطرة على الكائنات الدقيقة المسببة لفساد الطعام وابتكار طرق حفظ الأغذية ومن أشهرها: التجفيف، التخليل ،التمليح ، عمل المربى ، الترقيد في الزيت ، التخمير ، التبريد…”
واعتبر المهندس في الصناعات الغذائية أن أسباب تلف الأطعمة والأغذية يعود أساسا الى وجود الأحياء الدقيقة من فطريات وحشرات وغيرها منها النافعة والضارة. وهي كائنات تتدخل بشكل مباشر في تلف الأغذية. وبحسب المحاضر فإن طرق الحفظ القديمة كانت تعتمد على التجفيف الطبيعي للاطعمة والتخمّر والحفظ بالملح أو السكر أو التبريد بطرق مختلفة.
ضرورة مراجعة الخيارات الاستراتيجية في مجال الفلاحة
اعتبر المهندس الفلاحي ورئيس الإتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بسوسة سابقا، عامر عبد الله، الخيارات الاستراتيجية للحكومات المتعاقبة وراء الأزمات التي تعيشها بلادنا هذه الفترة خصوصا في ما يتعلق بمسألة الشح المائي وتأثيره على الإنتاج الفلاحي الوطني.
ويرى عبد الله أن التوقعات التي تم رصدها سابقا الى حدود سنة 2030 لم تستقرئ حدوث مثل هذا السيناريو المخيف في علاقة بنضوب مواردنا المائية وكذلك علاقة بتدهور الوضع الفلاحي عموما وهو ما يؤكد حسب قوله سوء الخيارات التي تم انتهاجها لغايات “سياسية”. وبحسب المتدخل “فقد اصيبت العديد من المواسم بالوهن نتيجة عدم الرعاية والإهمال وسوء التخطيط ومنها خاصة عدم إحكام الاستعداد للمواسم الفلاحية حتى الوصول إلى إتلاف المنتوج في بعض الحالات في حين أن الفرد محتاج الى أمن غذائي مؤكد وأصبح القطاع عماد الاقتصاد وله دور استراتيجي ضمن القطاعات الموازية”.
ودعا عامر عبد الله في هذا الصدد الى ضرورة مراجعة الخيارات الاستراتيجية في مجال الفلاحة من خلال التركيز على تطوير وتشجيع قطاعات اثبتت جدواها اما على صعيد وفرة الانتاج كالبطاطا او مردوديته المالية كمنتوج قابل للتصدير مثل الزيتون.
كما عرج المهندس عامر عبد الله على عنصر هام وهو انتاج البذور, حيث دعا الى اعادة النظر في مسألة توريد البذور الهجينة وتمويلها لانعدام نجاعتها الاقتصادية بالنظر الى أسعارها المشطة في الاسواق العالمية من جهة وتأثيرها المباشر في انقراض بذورنا المحلية الأصلية التي تتطلب مزيدا من البحوث والتطوير لتنميتها واعادة استعمالها بشكل مكثف.
كما تطرق المحاضر الى مسالة المخزون العلفي اذ اعتبر ان “المساحات المخصصة لزراعة الأعلاف باتت غير كافية ونظرا لغلاء الاعلاف على مستوى دولي فقد بات واضحا ارتفاع التكلفة عند الإنتاج وأن المضاربات في هذا القطاع صارت حتمية” وهو ما يدعو حتما السلطات الى انتهاج مقاربات مختلفة في تأمين هذا المنتوج المتحكم في كامل دورة الانتاج الحيواني.
ودعا المهندس عامر عبد الله في ختام مداخلته التي اتسمت بالحماس والاندفاع الى العناية بقطاع الزيتون خصوصا الأنواع المحلية وإحداث مراكز تحويل واستغلال الفواضل كعنصر أساسي لتوفير الأعلاف [ شطبة + فيتورة ….].”وجعل القطاع الفلاحي قطاعا مربحا وذا جدوى اقتصادية إيجابية حتى يقع الإقبال عليه من طرف الشباب وخلق وحدات إنتاجية متكاملة العناصر مع إحداث وحدات تصديرية تشغل أكبر عدد ممكن من اليد العاملة”.
جمعية علوم وتراث تكرم الباحثة نهى بلعيد
على هامش هذه الندوة العلمية الثرية التي واكبها عدد كبير من المثقفين والمختصين من أبناء الجهة ومن المناطق المجاورة تم تكريم الإعلامية والدكتورة نهى بلعيد التي تم انتخابها مؤخرا عضوا في مجلس إدارة الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين بكندا من طرف الرسام العالمي محمد الزواري. وتعتبر نهى بلعيد، أصيلة القلعة الكبرى، التي تعمل حاليا مستشارة في الإعلام العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية من أكفأ المختصين في الصحافة العلمية في بلادنا حيث انطلق اهتمامها بالصحافة العلمية مع انتشار فيروس كورونا.
كما تعتبر مؤسسة منتدي الصحفيين العلميين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يضم أكثر من 500 صحفي من العالم العربي، من بين المهتمين بالمجال البيئي ولها العديد من الأنشطة في هذا المجال.
وفي تصريح لرياليتي اون لاين عبرت الدكتورة نهى بلعيد عن مدى سعادتها بتواجدها بين أهلها وفخرها بهذا التكريم الذي يزيد من مدى تعلقها بمسقط رأس آبائها وأجدادها.