قال الفنان التونسي نضال اليحياوي إنه مؤمن بثراء الموروث الموسيقي التونسي وهدفه نشره في العالمي لترتبط في ذهن الآخر الأجنبي بتونس تماما كارتباط موسيقى “الراي” بالجزائر وموسيقى “القناوة” بالمغرب
وأضاف اليحياوي، في لقاء مع رياليتي أون لاين إثر عرض “مسرب الهطاية” على ركح مهرجان الحمامات الدولي، أنه يحب موسيقى التراث ويستلهم منها مشاريعه مع الحرص على إضفاء بصمته الخاصة.
وعما إذا ما كان سيقدم مشروعا بعيدا عن التراث قال “خضت تجارب الغناء من كلمات وألحان من خارج التراث لكن النتيجة كانت مشابهة للأغاني التراثية ولا يمكن التمييز بين الأغاني الخاصة والاستعادات”.
وتابع ” الفرق في التعاطي مع التراث الموسيقي هو في طريقة استثماره وإعادة صياغته بطريقة تشد إليه الشباب والأطفال.. هاجسي اليوم هو التغيير على مستوى الموسيقى بأسلوب يجعلها راهنة”، مشيرا إلى أن عدنان الهلالي كتب له كلمات أغنية تتحدث عن “الحطابة” في جبل سمامة اعتقد الجميع أنها أغنية من التراث.
وعن انطلاقته في مشاريعه الموسيقية الخاصة مع “برڨو 08″، قال إنه يرتكز على ذاكرته وذكرياته ويستلهم من الأشياء القريبة منه ليولد هذا المشروع في منزل عائلته في منطقة برقو التابعة لولاية سليانة ويكون أول لبنة في نهجه الفني المختلف.
وفي هذا المشروع لم يقدم صورة أخرى مغايرة للتراث فحسب بل نقد بطريقة غير المباشرة التسميات المسيئة للشمال الغربي على غرار “08” وفيه كان مقلا في إدماج الآلات العصرية واكتفى بالباتري، حسب حديثه لرياليتي أون لاين.
اما في ما يخص مشروع “الشاوية” فاشار إلى أنه توسع أكثر في علاقة بالأغاني وفي التوزيع الموسيقي أيضا وهو ما يتجلى كذلك في مشروع “مسرب الهطاية”، مبينا أن بحوزته مئات الأغاني النابعة من التراث الموسيقي لكنه يحرص دائما على اختيار الموضوع والخيط الرابط بينها.
في سياق متصل قال إن الموروث الموسيقي التونسي ممتد وشاسع ويتطلب أعمارا للنبش فيه وإعادة إحيائه، لافتا إلى مدونات “المزود” و”القصبة” و”الزكرة” واختلاف الموسيقى التونسية بين الجهات لكن رغم ذلك الموسيقى التونسية غير معروفة في الخارج.
وبخصوص مرحلة البحث التي تسبق مشاريعه والتي تتميز بالتحامه بحفظة الأغاني والعازفين في الجهات، قال نضال اليحياوي إنها أحسن مرحلة حيث تكمن المتعة في زيارته للجهات والعيش مع العائلات هناك والاندماج في بيئتهم بطريقة تجعله يستبطن الأغاني أكثر ويستوعب غناءها بطريقة دون أخرى.
وعن الموسيقيين الذين يشاركونه نفس الإيمان بالتراث الموسيقي التونسي ، قال إنه محظوظ بتقديم مشاريع صحبة فنانين حقيقيين يلتقون عند الأفكار والتصورات.
وعلى ركح مهرجان الحمامات الدولي قدم الفنان التونسي نضال اليحياوي رفقة الموسيقيين المصاحبين له مشروعه الأخير “مسرب الهطاية” الذي يقتفي فيه أثر العمال الموسميين موسيقيا ويلتقط قصص الحب والفراق والمقاومة والنسيان.
سوق وربص”، و”ساق” و”ناسك رحالة”وهز عيونك” و”ساقوه”و”لسمر خويا” أغان صدح بها نضال اليحياوي وردد معه جمهور مهرجان الحمامات كلماتها على إيقاع موسيقى تراوح بين الأصالة والتجديد وتتماهى فيها الموسيقات التقليدية مع موسيقات العالم.
الألحان المطرزة بنغمات عتيقة أوجدها على الخشبة موسيقيون جمعهم الشغف بالبحث في عمق الموسيقى التونسية وتوشيحها بأنماط أخرى وباعث الموسيقى الالكترونية مصطفى بن منصور وعازف الغيتار مهدي البحري وعازفو “البنادر” و”الطبول” معز عوينتي وأشرف بن رحومة وبدر الدين بوسليمي وإسكندر بن عمو وعازف “القصبة” محمد الشابي.
موسيقيون اجتمعوا مع نضال اليحياوي ليستحضروا أغاتيَ تراثية طرزوها بأنماط موسيقية جديدة لم تنل من جوهرها التقليدي وعلى نسق تماهي أصوات “الطبول” و”القصبة” وامتدادات الموسيقى الالكترونية تمايلت أجساد الجمهور في المدارج وعلى جنباتها وعلت الزغاريد.