نشرت النقابة، أمس،” ورقة توجيهية في التغطية الإعلامية للمحاكمات من أجل الإستئناس بها في متابعة قضية التآمر وغيرها من المحاكمات التي قد تعرفها بلادنا في إطار الموازنة بين حرية الصحافة والحق في الولوج إلى المعلومات من جهة، وحماية الحدود القانونية والقيم الأخلاقية من جهة أخرى”.
وفي ما يلي نص الورقة :
المبادئ الأخلاقية المثلى لتغطية المحاكمات القضائية
تذكّر هذه الورقة التأطيرية بالمبادئ المثلى التي تقوم عليها مهنتهم ووظيفتهم الاجتماعية كما جاء في ميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومن بين هذه المبادئ الأساسية أن:
− “يلتزمُ الصُحفي بالسعي إلى الحقيقة وبالعمل على إبلاغها إلى الرأي العام في إطار حقه في النفاذ إلى المعلومة”.
− كما “يلتزمُ الصُحفي بالدفاع عن حُرية الصحافة ولا يقبل المهام التي لا تتلاءم مع ضوابط المهنة وأخلاقياتها”.
ومن المبادئ التي نصّ عليه الإعلان العالمي لأخلاقيات المهنة للصحفيين للاتحاد الدولي للصحفيين أن مسؤولية الصحافي/ة الأولى هي احترام الحقيقة وحق الجمهور في معرفتها.
كما تذكر هذه الورقة الـتأطيرية أيضا الصحفيين/ات ان العمل الصحفي والإعلامي في المؤسسات الإذاعية والتلفزيونية يخضع كذلك إلى المقتضيات التي نصّ عليها المرسوم 116 ، إذ جاء في فصله الخامس أن “حرية الاتصال” تمارس في إطار “احترام حرية التعبير، والمساواة و التعددية في التعبير عن الأفكار و الآراء و الموضوعية و الشفافية واحترام كرامة الإنسان والحياة الخاصة”.
كما جاء في كراسات الشروط في القسم الثالث المتعلق بالالتزامات المتعلقة بالمضامين الإعلامية ضمان “نزاهة المعلومة وتعددية الأفكار والآراء وتوازنها بكل موضوعية” (الفصل 23) و”عدم بث الشهادات التي تهين الأشخاص والجماعات وعدم تنشر أخبار زائفة أو اتهامات دون مؤيّدات” (الفصل25)
المبدأ الأول: احترام قرينة البراءة
يقتضي هذا المبدأ الأساسي أن يتعامل الصحفيون/ات مع المتهمين باعتبارهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم قضائيا بأحكام ثابتة كما جاء في المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948. كما يحمي دستور 2022 للجمهورية التونسية قرينة البراءة في الفصل 35 الذي جاء فيه “لا يمكن إيقاف شخص أو الاحتفاظ به إلا في حالة التلبس أو بقرار قضائي، ويعلم فورا بحقوقه وبالتهمة المنسوبة إليه، وله أن ينيب محـــاميا. وتحدد مدة الإيقـاف والاحتفاظ بقانون.”
المبدأ الثاني : الدقة والتحري في المعلومات
ينجرّ عن هذا المبدأ الأول أن يتأكّد الصحفيون/ات من صحّة وأصالة المعلومات التي يتمّ نشرها بعد إخضاعها إلى منهجية الصحافة الصارمة في التحري والتثبت. كما تتجسّد احترام قرينة البراءة في الأسلوب الصحفي الذي يجب أن يلتزم بالدقّة الضرورية احتراما لحقوق المتهمين ولمبدأ علوية العدالة.
− كما يعمل الصحفيون/ات على التعامل مع المصادر الموثقة وإخضاع كل المعلومات التي يتحصلون عليها إلى مقتضى التحقق بمقارنتها ببعضها البعض.
− كما يلتزم الصحفيون/ات بعدم نشر الإشاعات عن المتهمين أو عن الأحداث موضوع المحاكمة والترويج لها على أنها أخبار.
المبدأ الثالث: في التمييز بين الوقائع والآراء
إن الصحفيين/ات أحرار في التعليق على الوقائع والأحداث المتصلة بالمحاكمات القضائية في إطار احترام قرينة البراءة وبالنظر إلى الأحكام النهائية التي تصدرها الهيئات القضائية. لكن هذه الآراء يجب تمييزها تمييزا واضحا عن الأخبار كما تنصّص على ذلك المبادئ الأخلاقية الكونية التي قامت عليها المهنة. إن الخلط بين الآراء والوقائع الوقائع يمثل تلاعبا بالمادة الإخبارية واعتداء على حقوق المواطنين في الاطلاع على الوقائع الموضوعية.
المبدأ الرابع: الحق في البحث عن المعلومات والتعليق على الأحداث واحترام الإجراءات القضائية
يعمل الصحفيون/ات على إخبار المواطنين في إطار المبادئ الأخلاقية واستنادا إلى ما ينصّ عليه المبدأ الأول من ميثاق شرفهم من واجب “السعي إلى الحقيقة وإبلاغها إلى المواطنين والرأي العام”، كما أنهم يدافعون عن إبلاغ آرائهم للجمهور وفق المبادئ الأخلاقية. ولا يجب أن يؤدّي ذلك إلى التأثير على المسار القضائي. وينأى الصحفيون/ات بأنفسهم عن لعب أدوار القضاة وإقامة المحاكمات الإعلامية وإصدار الأحكام على المتهمين.
المبدأ الخامس: التوازن والحياد
يعمل الصحفيون/ات على تقديم الأحداث والوقائع والآراء بشكل متوازن يحترمون فيه حقّ الجمهور في التعرّض إلى كلّ الآراء والأفكار وفي إطار احترام أنفسهم ومهنتهم بما أنهم في خدمة الحقيقة كما نصّ على ذلك المبدأ الأول من ميثاق شرفهم.
المبدأ السادس : الحق في الخصوصية
ويتجنب الصحفيون/ات المساس بالخصوصية وكرامة الأشخاص واحترام الحياة الخاصة للأفراد. ويسعى الصحفيون/ات في إطار هيئاتهم التحريرية على مبدأ التوازن بين حق الجمهور في المعرفة والحقيقة وحق الأفراد في الخصوصية.
خاتمـــــــــــة
تؤدي الصحافة دورًا أساسيًا في إخبار الرأي العام عن المحاكمات القضائية، فالعملية الإخبارية جزء لا يتجزأ من علنية هذه المحاكمات. ومن هذا المنطلق، فمن واجب السلطات القضائية والسلطات العمومية أن تؤمن حق الصحفيين في النفاذ إلى كل المعلومات المتاحة قانونًا، بما يضمن تغطية إخبارية موضوعية ومهنية، وحق الجمهور في الاطلاع على الحقيقة. كما أن تعطيل نفاذ الصحفيين/ات إلى مصادر المعلومات يمثل مسا جوهريا بحق الجمهور في متابعة المحاكمات القضائية، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا ذات علاقة بالشأن العام.
بل إن ضمان حق الصحفيين/ت في النفاذ إلى مصادر المعلومات وتأمين شروط التغطية المهنية يمثل عاملا من عوامل تعزيز الثقة في النظام القضائي عندما يحصل الجمهور على كل المعلومات التي تؤكد له عدالة المسار القضائي وشفافيته.”