على ركح مهرجان الحمامات الدولي، علت تعبيرات الموسيقى “البديلة” في سهرة من جزأين تقاسم فيها “يوما” والأخوان نور وسليم عرجون الركح ليقصوا قصص جيل من الفنانين الذين تشبثوا بأحلامهم وشكلوا لأنفسهم فضاء فنيا يشبهها.
زادهم الحلم والموسيقى نثروا على الركح تصوراتهم المختلفة والمتفردة، زاوجوا بين الأنماط الموسيقية وخلقوا للهجة التونسية التي تميز كلماتهم أجنحة، بثوا رسائل الحب والأمل.
ما أفسده الواقع في تفاصيله السياسية والاقتصادية أصلحه هذان المشروعان الفنيان الملتزمان بحب تونس، الوطن الذي تحسسوا فيه خطواتهم الأولى وألهمهم وعشقوه رغم كل الصعوبات التي اعترضتهم.
الانتماء لهذا الوطن، حبه في كل حالاته، المضي قدما من أجل التغيير، من أجل تحويل الأحلام إلى حقائق، مشاركة الهواجس والشواغل وتخطي الصعوبات من أجل البناء وقطع الطريق على المنادين بالهدم، رسائل تهاطلت على الركح.
كانت الانطلاقة مع “يوما” المجموعة الموسيقية التي تمايزت عن غيرها على مستوى اللحن والكلمة والسفن المشروع نفسه، رامي الزغلامي وصابرين الجنحاني غيتارة وصوتان يرويان حكايات من الواقع على إيقاع أنماط موسيقية مختلفة.
أغان باللهجة الدارجة على إيقاع موسيقى الفولك والروك وموسيقات أخرى تعالت في أرجاء ركح مهرجان الحمامات الدولي، أول مهرجان فتح أبوابه لتعبيرات “يوما”
الثنائي صافح الجمهور في صيغته الخام قبل أن يدعو إلى الركح موسيقيين يتقاسم معهم الحلم والتصورات والطريق لتتشكل مجموعة موسيقية نواتها صابرين الجنحاني ورامي الزغلامي.
عزيز بن عيسى على الغيتار وبشير الجلاصي على الباتري وأمين الهداوي على الباص أضفوا بعدا آخر على يوما وبثوا فيها من أرواحهم وتجاربهم لتتداخل الأصوات على الركح وتحاكي شاعرية كلمات الأغاني.
ليا سنين، دنيا تدور، آسيا، قسما، تعرفني، قمرة وذيب، فرططو، واحنا كبار ، نحبك في سكات، سماك، نغير عليك، ومالك الصحراء أغان صدحت بها صابرين الجنحاني ورامي الزغلامي فيما ملأت الموسيقى الحية أرجاء المسرح وأرقصت الجمهور.
بعض الأغاني الجديدة قدمتها “يوما” احتفاء بجمهورها في مهرجان الحمامات الدولي في عرض رابع على ركحه منذ تأسيسها، عرض تقاسم فيه الحلم والأمل مع جمهور استثنائي قبل أن تترك الركح لنور وسليم عرجون ليكملا خط فصل آخر من رواية ملهمة عنوانها الموسيقى البديلة.
أغاني باللهجة التونسية، نصوصها شعرية وتعكس عالما موسيقيا ثريا معاصرا ومتعدد الالوان طبعت الجزء الثاني من العرض وأسرت بالجمهور في ثنايا مشروع موسيقي يعد بالمزيد والمزيد من الإبداع.
غوص في الأحاسيس والمشاعر، قصص عن الحب والحلم والحياة نسج الأخوان ملامحها بمشاركة الأخوين سلطانة؛ مروان على الباص ويوسف على الدرامز في توليفة موسيقية تسربت منها نغمات الكلافيي والبيانو إذ يعزف عليهما سليم ويستدر نغماتهما.
بحضور العازف هادي فاهم، غنت نور عرجون “ديما ديما” للفنان ياسر جرادي وشاركها الجمهور الغناء قبل أن تستثمر سياق الأغنية لتذكّر بالاحتلال الذي ترزح فلسطين تخت وطأته.
اعتراف وعرفان بأثر الفنان ياسر جرادي الذي تعد أغنيته “ديما ديما” تعبيرة عن حب تونس رغم كل الصعوبات والمطبات وخيبات الأمل وتجذرا في الانتماء لها.
“ليك سنين”، “حلمة”،”بيبان”، “رئة ثالثة”، “وايو”، و”تراب” غنت نور قبل أن تستضيف مغني الراب حمزة الطرابلسي “ظلمة” الذي بعث روحا صاخبة وحماسية على الركح واستدر تفاعل الجمهور أكثر فأكثر على إيقاع أغنية “أطياف”.
ليلة مدادها الحلم..
وفي الندوة الصحفية التي عقبت العرض قالت نور عرجون إنها أمضت طفولتها في مهرجان الحمامات وكانت تحلم بأن تغني يوما على ركحه وهي سعيدة بتحول الحلم إلى حقيقة وبمشاركة “يوما” الركح.
كما تحدثت عن الطاقة التي سرت على الركح والتي تعود إلى كون هذا العرض الأول في تونس بعد فترة من الانقطاع، مؤكدة تواصل الحلم واستمرار نفس الطاقة رغم الصعوبات في مشهد الموسيقي البديلة وخاصة في علاقة بالتمويل الذاتي في الإنتاج.
سليم عرجون قاسم أخته وشريكته في مشروعه الفني الرأي والمشاعر إذ أبدى سعادته بمشاركة موسيقاهم مع جمهور استثنائي على ركح الحمامات الأسطوري ليتحقق حلمه الذي يعود إلى سنوات.
وفي سياق متصل، أكد المضي قدما في الحلم وفي المشروع الموسيقي القائم على البحث والتجديد على مستوى التصورات والألحان والكلمات وهو ما يلتقي فيه مع مجموعة “يوما”.