في الذكرى الثانية عشرة لما حسبناها ثورة فاذا بها كارثة جعلت بعضنا يتحسر على العهد النوفمبري، يحسن بنا التوقف عند هذا الثالوث الذي هو أول من حوّل أحلامنا الى كوابيس:
الانتهازية – الخيانة – الغدر ونكران الجميل..
وذلك قبل أن يقضي الرئيس قيس سعيد على آخر أمل لنا في التدارك حين أجهض من ناحيته كل ما انتظره التونسيون من 25 جويلية 2021..
الانتهازية
العاطلون عن العمل والمعذبون في الارض عموما هم الذين دفعوا ثمن انهيار سلطة بنعلي ..وإذا بالأجراء ينتهزون فرصة ضعف الدولة للمطالبة بزيادات في الأجور مما صار معه من المستحيلات السبعة تحقيق أهداف الثائرين: توفير الشغل لهم أو، على الاقل، تمكينهم من منح تحفظ لهم كرامتهم وهم الذين استُشهد منهم من استشهد وهو يهتف "شغل.. حرية.. كرامة وطنية".
الخيانة
السياسيون الذين خانوا من انتخبهم ..و أباحوا لأنفسهم ما ورثوه عن أسلافهم: المرتبات الخيالية بالنسبة إلى الأجور الدنيا ..والامتيازات اللامعقولة المتمثلة في المساكن الوظيفية.. والسيارات الفارهة.. ةسائقو السيارات.. ووصولات البنزين.. وغير ذلك كثير، فضلا عن تحالفاتهم المشبوهة، وتقديم مصالح أحزابهم على مصالح المجموعة الوطنية واعتبارهم الحكم غنيمة..
والإعلاميون الذين خان أكثرهم الحرية التي أُهديت إليهم فاستعملوها للسب و الكذب و"تشليك" مؤسسات الدولة غير مفرّقين بين المَنصب و المُنصَّب فيه..
و النقابات التي كان لها شرف احتضان الانتفاضة الشعبية لكنها خانت مقولة زعيمها التاريخي "أحبك يا شعب" بوقوفها إلى جانب مطالب الأجراء والمعتصمين في كل مكان والحال أن كل ذلك كان معناه إرباك الحكومات المتعاقبة – المرتبكة بطبيعتها – و جعلها عاجزة عن مجرد التفكير في تحقيق اهداف من دفعوا أرواحهم و دماءهم من أجل الشغل والحرية و الكرامة الوطنية..
الغدر ونكران الجميل
أما ما لم يكن في الحسبان .. وما ما كان يتصوره احد فهو أن من أخرجتهم دماء التونسيين من غياهب السجون أبوا إلا أن يقابلوا الإحسان بالإساءة بأن رفعوا الأسلحة في وجوه التونسيين ..فيتموا الاطفال ..و رمّلوا الزوجات ..وثكلوا الأمهات و الآباء ..و جعلوا البلاد مهددة لا فقط باللبننة ..و لا فقط بالأفغنة ..بل و حتى بالصوملة.