أعلنت الحكومة الصينية مؤخرا عن سلسلة من الاجراءات لتعديل سياسة الوقاية من جائحة كورونا ومكافحتها وتسهيل تنقل الأفراد، من ضمنها إلغاء شرط اختبار الحمض النووي قبل الدخول إلى الصين والعزل في مواقع الحجر المركزي بالنسبة للمسافرين الوافدين إليها من الخارج. كما تم اقرار تسهيلات للحصول على تأشيرة السفر إلى الصين والترفيع في عدد الرحلات الدولية واستئناف السياحة الخارجية لفائدة المواطنين الصينيين بطريقة منظمة. مجمل هذه الإجراءات قيّمتها العديد من دول العالم تقييما إيجابيا. وأعلن الديوان الوطني التونسي للسياحة، قبل أيام، أن تونس تتطلع إلى قدوم المزيد من الأصدقاء الصينيين لزيارتها بعد استئناف الصين لنشاط السياحة الخارجية بشكل منظم، خاصة وأن الصين تقدر عاليا الوجهة السياحية التونسية. وتجاوز متوسط معدل النمو السنوي لعدد السياح الصينيين القادمين إلى تونس، خلال السنوات الثلاث ما قبل الجائحة، بما يعادل 30 بالمائة. وتعتبر هذه النسبة هامة خاصة وأنها تفوق بكثير معدل النمو السنوي لعدد السياح الصينيين إلى الخارج، وهو ما يعكس الإمكانيات الهامة الكامنة التي يتمتع بها التعاون في المجال السياحي بين البلدين. وفي ظل التعديل الذي أقرته الصين بخصوص سياستها للوقاية من الجائحة، فإنه من المتوقع أن يرتفع عدد السياح الصينيين القادمين إلى تونس للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الجميلة ل"لؤلؤة البحر المتوسط" والتعرّف على حضارتها العريقة وثقافاتها المتنوعة. ويرحب الجانب الصيني أيضا بارتفاع عدد الأصدقاء التونسيين القادمين إلى الصين للقيام بالأعمال التجارية والسفر والدراسة. كما تشجع الشركات الصينية على الاستثمار في تونس ومساعدة تنميتها الاقتصادية والاجتماعية.
في المقابل، ظهرت اتهامات تهدف إلى تشويه سمعة الصين بذريعة فيروس كورونا. وتزعم أقلية أن تعديل الصين لسياساتها هو بمثابة "الفشل" و"الانهيار". هذه المجموعة هي ذاتها التي تنتقد الصين وتتهمها بتقييد "الحرية" و"حقوق الإنسان". إن هذه الأكاذيب والمحاولات اليائسة لن تنال من قلوب الناس ولن تنجح في التشكيك في سياسات الصين. وقد أشار خبراء الصحة والوقاية من الأوبئة في العديد من الدول إلى أن فرض قيود على السياح القادمين من الصين لا يعتمد أسسا علمية كما أنها ليست ضرورية. وأشار خبراء من منظمة الصحة العالمية مؤخرا أن سلالة الفيروس الجديدة السائدة حاليا في الصين كانت قد ظهرت وانتشرت على نطاق واسع في أوروبا ومناطق أخرى من العالم وبالتالي فلن يكون لها التأثير الكبير. ومن الضروري أن تستند التدابير الوقائية إلى الأسس العلمية والاعتدال وعدم التمييز. ودعت الصين جميع الأطراف إلى اتخاذ التدابير العلمية المناسبة في مجال الوقاية من الوباء وألاّ تسعى إلى استهداف دول معينة. كما أكدت على ضرورة تجنب التصريحات والأفعال التي تهدف إلى تسييس الوباء والعمل، بشكل مشترك، على ضمان تنقل الأفراد بشكل طبيعي.
منذ تفشي الجائحة، ظلت الحكومة الصينية تلتزم بمفهوم الشعب أولا والحياة أولا، وتبذل قصارى الجهد لحماية حياة المواطنين وصحتهم. وصمدت الصين أمام اختبار موجات عالمية من الجائحة، وذلك رغم محدودية الموارد الطبية. وقد سجلت الصين، بلد 1.4 مليار نسمة، أدنى معدلات الإصابات الشديدة والوفيات في العالم. وفي ضوء الانخفاض الملحوظ في الإمراضية والفوعة للمتحور أوميكرون والارتفاع المطّرد لقدرة الصين على العلاج الطبي واكتشاف مسببات الأمراض والتلقيح، أصبح المواطنون يولون المزيد من الاهتمام للحياة اليومية والعمل والدراسة والمعيشة. وأخذت الحكومة الصينية بزمام المبادرة لتحسين تدابير الوقاية من الكوفيد-19، وتحول الاهتمام بشكل كبير من العمل على "الوقاية من العدوى" إلى مجالات "حماية الصحة والتقليل من الحالات الحرجة".
وبادرت الحكومة الصينية باتخاذه هذا التعديل بناء على ظروفها الوطنية والوضع القائم على أرض الواقع، وبالرجوع إلى الاجراءات الوقائية التي تم اتخاذها في دول أخرى. وقد تم الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الأوضاع السائدة والمرحلة الحالية وذلك سعيا إلى حماية سلامة المواطنين وصحتهم باعتبارها أولى الأولويات إلى جانب العمل على الحدّ من تأثيرات الوباء على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد مكن الاحترام المستمر للسياسة الوقائية المعدّلة العديد من المدن الكبرى، مثل بكين، من تجاوز ذروة الوباء. وتشهد هذه المدن حاليا عودة الحياة ونسق الإنتاج إلى طبيعتها تدريجيا. ويتزامن هذا الوضع مع دخول الصين إلى مرحلة جديدة من الوقاية والسيطرة على الجائحة، إلى جانب اتخاذ إجراءات اقتصادية مناسبة وتواصل انتعاش السوق، وهي من العوامل التي تبشر بظهور فرص جديدة وتطور نسق التعاون المشترك بين الصين ودول العالم، من ضمنها تونس.