من الحقائق التي لا يعرفها الكثيرون التي سمعتها من المرحوم حسيب بن عمار خلال عشرية الثمانينات، عشرية طيّبة الذكر جريدة "الرأي"، وأكدها منذ مدة محمد بن يوسف في أسبوعية "الأخبار"، أن لـ"سي حسيب" الفضل في عدم هدم المدينة العتيقة بالعاصمة عندما كان شيخا لمدينة تونس، رئيسا لبلديتها.
فقد ظل يماطل في تنفيذ رغبة الزعيم بورقيبة في شق شارع، على غرار الإيليزيه في باريس، يربط بين قلب العاصمة وقصر الحكومة بالقصبة، وظل يختلق الأعذار كلما سأله عن الموضوع إلى أن أستغل فرصة حضور نخبة من النواب الفرنسيين بصفة ضيوف شرف على بلادنا.
فقد اصطحبهم المرحوم في جولة مطوّلة بالمدينة العتيقة واستغل امتداحهم لموقعها وآثار كنوزها المعمارية وإعجابهم بها لجعلهم بذكاء رجل الدولة المحنّك يفهمون أنه يعتمد عليهم في إبداء نفس الإعجاب عند استقبالهم من قِبل الزعيم، ملمّحا إلى أنه يرغب في هدمها لإنجاز ما يشبه الإيليزيه عندهم، علّه يتراجع في ما هو مصرّ عليه.
و حين استقبل الرئيس بورقيبة البرلمانيين الفرنسيين طفقوا يعبّرون له عن شديد إعجابهم بالمدينة العتيقة وما رأوه هناك من معالم تاريخية. ومن ذلك اليوم، كفّ الرئيس بورقيبة عن فتح سيرة الموضوع. وأُنقِذت المدينة العتيقة و معالمها التاريخية من الهدم.
فما أحوجنا اليوم إلى رجال دولة يعرفون كيف يقولون لا لهرم السلطة دون أن يقولوها، وإلى رأس سلطة يستمع إلى مساعديه ومحدّثيه..
(عبد السلام بن عامر)