"احتفاء خيط"، معرض فني متجول نظّمته المؤسّسة الفنيّة الألمانية، في تونس، حول تيمة النّسيج بالمشروع الفنّي " Memory-Catcher" لاقط الذّكريات، وهو فنّ حكي الذّكريات عبر النّسيج- تقديم le collectif .
وهذا الحدث الفنّي التشكيلي أتاح للجمهور المهتم في تونس فرص متنوّعة لمشاهدة تجارب فنيّة معاصرة فريدة من نوعها، تنصيبات، ولوحات، ومنحوتات ليّنة وغيرها.. أعمال لفنّانين من بلدان مختلفة كانت بمثابة وسيط بين الفنّانين العارضين وجمهورهم، أعمال فنيّة تشكيليّة، ربّما هي تقليديّة في بعض من مكوّناتها غير أنّها تقترح رؤى فنيّة مجدّدة محمّلة بالأفكار والتّاريخ والحكايات، من منظور مبدعيها هي مقاربة جماليّة لعالم النّسيج.
ومن التفاصيل الراسخة في الذاكرة عن الطفولة والنسيم و"السداية" التي تجلس وراءها الجدات ليشكّلن "الكليم" أو "العبانة" أو "الزربية" يستلهم المشروع الفني لاقط الذكريات ملامحه.
المشروع الفنّي "لاقط الذّكريات":
نمتلك جميعنا ذكريات عن كبار العائلة، ينسجون على سدّاية كبيرة توضع في قلب الدّار، محاطين بالأولاد والأحفاد، ويتشاركون الحكايات والضّحكات والنّوادر.
تلك الكلمات التي يتشاركونها، تتبّع وتيرة مرورخيوط اللُّحمة عبر خيوط الغزل، فتصبح بذلك حرفة النّسيج هيكلا للحكايات والغناء فتكون بذلك محملا لذكرياتنا.
نريد أن نحكيَ الذّكرى من خلال النّسيج، لأنّ هذا الأخير له المقدرة على حمل الحكايات وتخزينها كما يخزّن العقل الذّكريات.
تتمّ ترجمة الذّكريات هذه، عن طريق وسيلة تواصل مبتكرة، كأداة ترتكز على الحفظ، والتّجديد وتحويل الذكرى.
تتشكّل الذّكرى، حيث أنّنا في البداية نتذكّر، ثمّ نختار الكلمات المناسبة لإعادة بنائها وأخيرا نتشاركها.
هذه الممارسة المشتركة لإعادة البناء تتيح المكان إذن لمنسوجات فنيّة صنعت من ذكريات مشتركة.
لكلّ كلمة إحداثياتها: فعند نقلك ذكرى ما، على المنسج/السّداية، فأنت تشارك في نسج ذاكرة جماعيّة، هذه السّداية تمثّل اللّغة التي تصبح الذّكريات من خلالها، ملموسة ومحسوسة، ماديّة وجوهرية.
تقديم le collectif :
مجموعة متكوّنة من ثلاثة مهندسين معماريين/فنّانين: شوقي الأحمر،ليليا بن رمضان وعفاف عمري.
مستقرّ بتونس، يعمل بطريقة متعدّدة التخصّصات، من أجل خلق ظواهر فنيّة، دعم عمليّة الإبداع الفنّي، ومكانة الفنّان.
عن طريق ممارساتها الإبداعيّة، تستعمل المجموعة، التعبيرات المعمارية في الفضاء العام من أجل تحسين جودة حياة الجماعات المحليّة.
عودة على المعرض و أبرز الأعمال المشاركة
"احتفاء خيط" حكايات عالم مشبع بالنّسيج حطّ رحاله في العاصمة التّونسية في اطار البرمجة الفنيّة لمعهد "غوتة" وقد استضافه رواق"Central Tunis" الكائن بعدد 42 شارع بن غذاهم وسط العاصمة-تونس . بعد ان تمّ اطلاق دعوة مشاركة خلال صيف سنة 2022، لفنّانين تشكيليّين لتعزيزَ المعرض بمشاركات محليّة لعديد من الفنّانين/ ات التونسيين والمقيمين/ت بتونس، الرّاسين أساسا في عالم النّسيج الفنّي والذين بصدد استكشاف أشكال فنيّة تقترح علاقات مجدّدة بين النّسيج ومجالات ابداعيّة أخرى، هذا إلى جانب أعمال الفنّانين الأجانب.
تنصيبات فن معاصر- منحوتات نسيج أو ما يسمّى ب"المنحوتات الليّنة"- فن التطريز المعاصر- الحياكة- الرّسم بالخيط- فن الرّسم بإلإبرة- لوحات نسيج- فنّ الفيديو، هي تعبيرات فنيّة اقترحها المعرض الفنّي المتجوّل "احتفاء خيط" على الجمهور التّونسي على امتداد شهرين بمشاركات لفنّانين من العالم بأعمالهم المختلفة.
وفي الحادي عشر من مارس الجاري أُسدل السّتار على المعرض الفنّي المتجوّل"احتفاء خيط" المفعم بحكايات النسيج والذي التقت فيه أعمال فنية تشكلت من أشياء، وتنصيبات و تجارب فيديو وغيرها.. وهي تأخذ بعين الإعتبار سياقات المنسوجات وخصوصيّاتها وتاريخها.
إذ قدم المعرض، أعمالا لخمسة عشر فنّانا معاصرا، اقترح كلّ منهم بدوره أعمال جماليّة محمّلة بثقافة ما فبسطت أعمالهم علاقتهم بمختلف المواد المستعملة وبيّنت كيفية تطويعها، لتتّخذ شكلا مجسّدا في الفضاء، وبهذا كانت محملا لإيصال المعلومات ليلامس المعرض بشكل أساسي المعطيات المخفيّة بين خيوط النّسيج من ثقافات وعوالم مختلفة.
"مسارات نسيج"
لكن "احتفاء خيط" وكما توحي به تسمية هذا الحدث الفنّي المختلف، لم يقتصر على تقديم الأعمال الفنيّة المختلفة داخل رواق العرض ب"Central Tunis"، بل امتدّ إلى الخارج حيث كان جمهور فنّ النّسيج وخلال أربعة مواعيد مختلفة"كل يوم سبت من شهر فيفري 2023"، على موعد مع تجربة فريدة بعنوان"مسارات نسيج" لاستقصاء عالم المنسوجات في تونس عبر طرق جديدة في وسط العاصمة تونس وبمدينة تونس العتيقة التي اقترحها الكاتب والصّحفي والوسيط الثّقافي "حاتم بوريال" والتّي خصّصها لاستكشاف التّنزيلات المتعدّدة للنّسيج كطريقة شاملة لاستطلاع تراث العاصمة.
"خارج الأسوار"
كما انتظمت يوم السّبت 04 مارس 2023 فعاليات "خارج الأسوار" تمثّلت في زيارة متحف صفيّة فرحات "بمركز الفنون الحيّة برادس" حيث يحتوي هذا المعلم على مجموعة متميّزة من السّجّاد الفنّي التي تعود لرائدة الفنّ المرئي في تونس. أُلحقت هذه الزّيارة بنقاش تحدّثت خلاله الفنّانة التّشكيلية عائشة فيلالي و ابنة أخت صفيّة فرحات عن مسيرتها والتزامها من أجل الفنّ في تونس.
وصفيّة فرحات: فنّانة تشكيليّة لها مسيرة متعدّدة الأوجه شاهدة على التزامها الفنّي في تاريخ تونس المستقلّة.رائدة حقل السّجاد الفنّي، حيث عملت على ترسيخ الهويّة التّونسيّة من خلال الفنّ ولغة الأشكال من خلال مساهمتها في تزيق العديد من المباني في الأماكن العامّة. أسّست صافيّة فرحات "مركز الفنّ الحي برادس، كما شغلت منصب أوّل مديرة تونسيّة لمدرسة الفنون الجميلة، إلى جانب أنّها بعثت أوّل صحيفة نسائيّة للاستقلال.
عائشة فيلالي: فنّانة تشكيليّة تونسيّة، عملت على العديد من البحوث االمتأرجحة بيت الفنون التشكيليّة والفنون التّطبيقيّة والتي أٌنتج عنها العديد من المعارض الفنيّة المتنوّعة أحيانا "التّصميم وعلاقته بالتّراث"وأحيانا "نقد المجتمع من خلال المواد والتعبيرات التّشكيليّة المتعدّدة".