من مشاكلي المزمنة مع الفايسبوك ولغة بعض أهل الإعلام هذه النمطية والقطيعية في تسمية الأشياء وتناول المواضيع والقضايا الجارية " على قلب رجل / امرأة واحدة". ليس يشعرني بالقرف وصف راشد الغنوشي بالشيخ وحده، يقرفني أيضأ اتهام الغرب " الكافر" من قبل الحداثيين المزعومين بأنه نصير "المثليين والسحاقيات"، ولو اتيح لهؤلاء الفحول لرموهم من الشواهق، وتقرفني أكثر " ملاحة" البعض الآخر. لا أستريح لوصف الشهيد البراهمي بـ"الحاج" خارج السياقات العائليّة والشخصيّة. هذه قيمة تعبّدية مضافة لا محلّ لها في الخطاب الرسمي والإعلاميّ لأنّها قد تعني ضمنيّا استنكار اغتيال "حاج" لبيت الله، دمث الأخلاق، يؤدّي صلواته في أوقاتها، كما تعني ضمنيّا وفي الوقت نفسه "تفهّما" نسبيّا لاغتيال من لم يستطع إلى الحج سبيلا أو من لم يُشاهَد متردّدا على المساجد.
من نلوم؟ هذا الخطاب أسمعه من وقت لآخر مستغربا اغتيال "الحاج"، متفهّما ضمنيّا المبرّرات "الشرعيّة" التي قد تحكم باغتيال الشهيد "غير الحاج" شكري بلعيد مثلا أو غيره.. حتّى الرئيس "الحقوقي" وقتها منصف المرزوقي استنكر اغتيال البراهمي، وقال كيف لهؤلاء الجناة أنْ يقتلوا مسلما بغير حقّ!
وباعتبار أنّ الشهيد محمد البراهمي اغتيل في شهر رمضان من العام 2013، يضيف غيرُ هؤلاء وعلى حسن نيّة بالتأكيد – يضيفون إلى صفة "الحاج" صفة الشهيد "الصائم"!
للمواطنة والمدنيّة والقوانين معاجمها ولغتها واستعمالاتها الخطابيّة. أما أن نعيش في عالميْن ونتكلّم لغتيْن ونمشي على حبليْن فذلك هو التخبّط والتردّد والخسران المبين.
حذار فإن قطارا يمكن أن يخفي قطارا آخر!
( مختار الخلفاوي من صفحته على فايسبوك)