في نفطة تعبق الثنايا بإرث صوفي ضارب في القدم وتضوع الأركان بنفحات روحانية تحرر الذوات من سطوة الواقع وتسمو بها إلى منزلة ترقص فيها الروح على إيقاع موسيقى تحاكي البوح والمناجاة.
بين تفاصيل هذه المدينة تتبدى بعض الأسرار التي تفسر تلك السكينة التي تسري في الأرواح ما إن تطأ الأقدام هذه الأرض التي تفترش الموسيقى وتلتحفها، موسيقى تتراءى في الخطوات والهمسات والابتسامات.
من رحم هذه الموسيقى التي تؤوي إرثا حضاريا وثقافيا وفنيا يتحدى النسيان ولد مهرجان روحانيات بنفطة وبلغ دورته السادسة التي تنعقد من غرة نوفمبر إلى الرابع من نفس الشهر، خمسة أيام من هيام في ثنايا المدينة الملهمة.
"هيام" هو شعار الدورة السادسة التي تنهل من أسس المهرجان وترسل ثابته القائمة على فكرة أن يكون منصة تجمع الموسيقى الصوفية والروحية من مختلف أصقاع العالم من خلال برمجة متنوعة.
عروض من تونس وإيران وسوريا والجزائر وليبيا تحتفي بالموسيقى الصوفية ولكنها أيضا تنفتح على موسيقات أخرى على غرار الجاز والموسيقى الإلكترونية بعرض لجهاد الخميري في دار الوادي وعرض لمريم العزيزي يخلق موسيقى صوفية بآلات الكترونية.
وفي افتتاح المهرجان يكون الجمهور على موعد مع عرض الزيارة لسامي اللجمي يليه عرض لفرقة رضوان المرعشلي من سوريا ثم فرقة يحيى زادة من إيران لتختتم بحضرة رجال تونس لتوفيق دغمان ليكون الاختتام مع التونسية عبير النصراوي.
وفي مقامات الاولياء الصالحين تصدح الأصوات بالذكر مع منتصف الليل كل ليلة من ليالي هذه الدورة، لتغمر مقامات أبي علي السني وسيدي مرزوق وسيدي حسن عياد في الليلة الختامية.
وإلى جانب "طريق المريدين" الفقرة الجديدة في المهرجان والتي تتمثل في زيارة مقامات الأولياء الصالحين، يكون جمهور المهرجان على موعد مع محاضرات وندوات علمية ينشطها باحثون وأساتذة جامعيون على غرار سامية الدريدي وأنيسة صميدة والاستاذة سعدية بن سالم وأسماء أخرى تلقي مداخلات بخصوص الصوفية والتصوف والمعرفة.