فيما تتهاطل مشاهد أفواج المهاجرين وهم يولون وجوههم شطر الصحراء هربا من عنصرية اتخذت وجوها كثيرة وتوشحت برداء الوحشية، تتبدى مشاهد لتونسيين جعلوا من الإنسانية بوصلتهم، تراهم يربتون على المهاجرين ويمدونهم بقوارير المياه.
وفيما أعين أناس تهمتهم سواد البشرة تروي الكثير عن الظلم والقهر وتختزل الخوف والهلع ومعاملة البعض لهم تثير السخط والغثيان، ممارسات همجية بربرية جاء موقف الرياضية نجاة سليمان ليخفف من بشاعتها.
تمظهرات كثيرة للعنف ضد المهاجرين من ذوي البشرة السوداء تجلت في الأيام القليلة الماضية وسط تحاليل وقراءات تبعث على البكاء والضحك في الآن ذاته، ولكن الضحكات سرعان ما تضل طريقها لتصبح عبرات تنهمر على إيقاع عذابات المهاجرين..
صور ستخلدها الإنسانية في خانة العار وسيلاحق الخزي كل من روع إنسانا آخر لا ذنب له سوى أنه هرب من الحرب أو الفقر أو حلما بجنة أوروبا التي يسوق لها الكل ولكن هذه الصور لن تطمس هبة تونسيين أغاثوا المهاجرين وسقوهم وأطعموهم وآمنوهم من خوف.
بعيدا عن الجانب القانوني والعنتريات المتعلقة بحماية تونس من “غزو” الأفارقة جنوب الصحراء، ما حصل في تونس في الأيام الأخيرة يسائل الإنسانية ويكشف عن جانب وحشي في التونسي يخلط كل الأوراق ويهدم فكرة الإنسان المسالم.
ووسط زحام العنف والفوضى واللاإنسانية يظهر الفعل الذي أتته نجاة سليمان بمثابة نقطة الضوء التي تظهر في آخر النفق إذ أنقذت مهاجرا من الموت المحتوم بعد أن تمكنت من تحديد مكانه في صحراء حزوة.
المهاجر تاه في الصحراء ووجه نداء استغاثة مرفوقا بموقعه لتتلقف سليمان النداء ورغم وجودها في فرنسا تمكنت من تحديد المكان لمعرفتها الدقيقة به واستعانت ببعض من أهالي الجهة الذين لبوا النداء..
نجاة سليمان وكل من ساهم في إنقاذ المهاجر “ديديي” وكل من أغاث المهاجرين ولو بشربة ماء رسموا وجها جميلا ضاحكا لتونس بوصلتها الإنسانية، تونس السلم والسلام والتضامن..