على ركح مهرجان الحمامات الدولي رسم مغنيا الراب “كازو” و”جنجون” ملامح عرض تبدت فيه تعبيرات فنية مختلفة استقطبت جمهورا التقط رسائلها وتمثل نفسه فيها فتماهى مع الأغاني وحفظ كلماتها.
في السهرة الخامسة للمهرجان تقاسم الفنانان اللذان يتقاطعان في أكثر من نقطة من ذلك الأسلوب الفني المغاير للسائد والاختيارات الموسيقية غير النمطية والكتابة الصادقة التي تنبع من قلبيهما لتلامس شغاف قلب جمهور من أجيال مختلفة.
كلاهما متمرد ومجدد يحول اليومي إلى أغان تخاطب العاطفة والعقل وتراود الحواس، تهب معها نسمات الحنين وتترقرق العبرات في العيون وتظل عبرة طريقها فيصير ابتسامة وتتهافت ذكريات الطفولة وتنهمر كل الخيبات وتبقى شرارة القلوب مشتعلة.
عن المقاومة اليومية لسوداوية الواقع، عن الصداقة والحب والخذلان والخيبات والأمل الذي يقتات من اليأس غنيا أمام جمهور هجر مقاعده طيلة ساعتين ليسافر مع حكايا نسجا ملامحها من تجارب تحاكي الحياة في كل تقلباتها وتلويناتها.
“اللي من القلب يوصل للقلب” عبارات تختزل ملامح العرض الذي قدماه أمام شبابيك مغلقة في أجواء مفعمة بالطاقة والحماسة تبدت فيها محبة الجمهور لهما إذ ردد أغانيهما الجديدة والقديمة.
هذه العبارات تختزل أيضا أسلوب الكتابة الذي ينتهجانه فهما يسخران تفاصيل يومهما وحياتهما ومحيطهما ليخلقا أغانيَ يراوحان فيها بين الحنين والغضب وبين المقاومة والوجع ويوشحانها بلمسة وترية تجعل أعمالهما مختلفة ومتفردة.
وهي العبارات نفسها التي ردا بها عن سؤال رياليتي أون لاين بخصوص الكتابة الذاتية أو الاعترافية ليؤكدا أنهما يكتبان ما يعتمل في دواخلهما بصدق وعفوية وبساطة ما يجعل طريق الكلمات إلى ذاكرة الجمهور يسيرة.
ولم يخفيا فرحهما باعتلاء ركح مهرجان الحمامات والجمهور الذي احتفى بهما على طريقتها وفخرهما بهذه التجربة التي ستظل نقطة مضيئة في مسيرتهما الفنية.
وعن المضي في نفس الأسلوب الفني، قال جنجون إنه لن يغير في أسلوبه وسيواصل كتابة كلمات أغانيه بنفس الصدق ومن عمق قلبه ليصل إلى قلب الجمهور، مؤكدا أنه يهدف إلى نشر الكلمة التونسية في كل العالم.
في سياق متصل كشف عن حلم يتمثل في الغناء على ركح مهرجان قرطاج الدولي في توزيع جديد لأغانيه بمسحة اركسترالية وعرض مدروس في جميع تفاصيله.
كازو أيضا لم يستبعد فكرة تقديم عرض على ركح مهرجان قرطاج كما أكد استمراره في نفس نهج الكتابة وفي نفس الاختيارات الموسيقية التي تتسم بالصدق مع التوسع على نطاق عالمي دون تبديل أو تغيير.
والعرض أمام جمهور الحمامات يعطي مشروعية لأحلام المغنيين اللذين نجحا في خلق قاعدة جماهيرية من أعمار وخلفيات مختلفة ورسم كل منهما طريقا لنفسه ويشبه أفكاره وهواجسه وتأملاته.
العرض في جزئه الأول انطلق مع كازو الذي عبر عن فرحه بالغناء على ركح الحمامات وتفاعل معه الجمهور بالهتاف والتصفيق على إيقاع أغنية ” كنخمم فيك” لتسري حالة من الفرح والحماسة في الأرجاء.
“بعيدة” و “من غير سبب” و”ريش” و”صاحبي ما عليكش لوم” و”ما تخافش عليه ولدك مازال” و”كبرنا” و”نتفكر كنا صغار” و”تعبوني”، أغان قدمها كازو على الركح بأسلوب فني يراوخ فيه بين الراب والغناء استنادا إلى كلمات مفعمة بالعاطفة والخصوصية.
احتفاء متبادل بين كازو وجمهوره الذي ظل واقفا طيلة الجزء الأول من العرض يقتفي أثر خطواته على الركح ويصدح بكلمات أغانيه حتى بلغت الحماسة ذروتها مع إعلان كازو عن تقديم “تراك” جديد بعنوان “صدقتها”.
وعلى صدى كلمات “حيالة” تواصل العرض في جزئه الثاني مع جنجون الذي حظي بنفس الاستقبال الحار من الجمهور الذي واصل هجر مقاعده وهو يحاكي إيقاعات الأغاني النابعة من حكايات عاشها وعايشها.
موسيقى راب مختلفة يعطي فيها جنجون مساحات أرحب للغناء تجلت على ركح الحمامات على نسق أسلوب كتابة يراوح بين كونه مركبا وبسيطا على غرار موسيقاه التي يحاول في كل مرة أن تكون أسهل.
من بين الأغاني التي قدمها جنجون وتلقاها الجمهور “شوارع طافية”، و”جاريني” ، و”سكارى” و”أمالي البيت” و” ما سمعونا” واش مازال” و”فولاي” ، و”مديدة” في مراوحة بين أغانيه الجديدة والقديمة.
تناغم وانسجام بينه وبين الجمهور حتى تماهى صوته مع أصواتهم طيلة الجزء الثاني من العرض الذي تبدّت فيه تعبيرات موسيقية مختلفة تنطلق من الذاتي الخاص لتعانق الموضوعي المشترك.
ومن المشاهد اللافتة في عرض جنجون وكازو انفعالات الجمهور وتفاعلاته واللحظات التي جمعتهما به خلال العرض وبعد العرض إذ خصصا وقتا لالتقاط الصور مع المعجبين.